مشروعية التفاعل الحضاري
اهتمت التربية الإسلامية بالعلم، تعلما وتعليما، وبينت فضل العلم وشرف أهله، فالعلم إما فرض عين أو فرض كفاية، وأهل العلم هم ورثة الأنبياء، وفضل العالم على العابد كما بين السماء والأرض، ولم يأمر الله نبيه بالاستزادة من شيء إلا العلم، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114 ( وقل رب زدني علما ) (طه: 114).
ودائرة العلم في المنهج الإسلامي تشمل العلوم النافعة جميعا، وليس محصورا بالعلم الشرعي، وإن كان العلم الشرعي يدخل فيه دخولا أوليا لكونه يتعلق بالإلهيـات والعبـادات، وعلم معرفة الحلال والحرام، وإنما أيضا ينطبق هـذا الوصـف "على كل العلم، مادام لا يخرج عن الحدود، التي رسمها الله، وإلا فانظر... كيف ينفذ المسلمون هذا الأمر الرباني:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60 ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) (الأنفال: 60)، هل يستطيعون ذلك بغير علم يشمل اليوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والميكانيكا، وعشرات غيرها من العلوم؟! وكيف ينفذون أمره تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=15 ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) (الملك: 15)، هل يمشون بغير علم؟ وهل يأكلون من رزقه بغير علم؟ وانظر إلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13 ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) (الجاثية: 13)، هل يتحقق التسخير بغير علم؟ هل يقول
[ ص: 37 ] الإنسان للشيء: كن، فيكون؟ أم يحتاج تحقيق التسخير إلى جهد علمي؟! وعشرات من الأمور تقطع بأن العلم، الذي هو فريضة ليس هو العلم الشرعي وحده، إنما هو كل علم نافع، إنما يختلف الأمر بين علم وعلم، فيكون أحدهما فرض عين والآخر فرض كفاية"
[1] .
واهتم منهج التربية الإسلامية بطلب الحكمة وتحصيلها من أي مصدر كان، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها ) [2] .
فالحكمة، كما في الحديث، ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها، ويغتنمها حيث ظفر بها، إذ ربما "تفوه بها من ليس لها بأهل، ثم وقعت إلى أهلها، فهو أحق بها من قائلها، من غير التفات إلى خساسة من وجدها عنده"
[3] ، ويروى عن الإمام علي رضي الله عنه قوله: "العلم ضالة المؤمن فخذوه ولو من أيدي المشركين، ولا يأنف أحدكم أن يأخذ الحكمة ممن سمعها"، وعنه أيضا أنه قال: "الحكمة ضالة المؤمن، يطلبها ولو في أيدي الشرط"
[4] .
[ ص: 38 ]
وتؤخذ الحكمة ممن تسمع منه، ولا يضر كونه ليس أهلا للحكمة "فالجوهرة النفيسة لا يشينها سخافة غائصها، ودناءة بائعها"
[5] ، وإن من أكبر ما يفوت الفوائد في الفنون، ترك التلمح للمعاني الصادرة عمن ليس بمحل للحكمة، أترى يمنعك من أخذ اللؤلؤة وجدانك لها في مزبلة
[6] .
والحق يستفاد من أي أحد، كائنا من كان، مادام ما قاله حقا، ولهذا فقد استفاد أبو هريرة رضي الله عنه آية الكرسي عن الشيطان ابتداء ثم أقره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
( أما إنه قد صدقك وهو كذوب ) [7] ، "وفي الحديث من الفوائد أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها، وتؤخذ عنه فينتفع بها"
[8] .
وفي حديث السيدة عائشة، رضي الله عنها:
( أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر؛ فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر؟ فقال: نعم، عذاب القبر.. قالت عائشة، رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوذ من [ ص: 39 ] عذاب القبر ) [9] ، ويؤخذ من الحديث إرشاد الخلق إلى قبول الحق من أي شخص كان، فإن الحكمة ضالة المؤمن
[10] .
وتستفاد الحكمة حتى من الحيوانات، فقد ورد في تاريخ بغداد عن "بزر جمهر" أنه قال: "أخذت من كل شيء أحسن ما فيه، حتى انتهيت إلى الكلب، والهرة، والخنزير، والغراب، فقيل له: وما أخذت من الكلب؟ قال: ألفه لأهله وذبه عن حريمه، قيل فمن الغراب؟ قال: شدة حذره، قيل: فمن الخنزير؟ قال: بكوره في إرادته، قيل: فمن الهرة؟ قال: حسن رفقها عند المسألة، ولين صياحها"
[11] .
مشروعية التفاعل الحضاري
اهتمت التربية الإسلامية بالعلم، تعلمًا وتعليمًا، وبيّنت فضل العلم وشرف أهله، فالعلم إما فرض عين أو فرض كفاية، وأهل العلم هم ورثة الأنبياء، وفضل العالم على العابد كما بين السماء والأرض، ولم يأمر الله نبيه بالاستزادة من شيء إلا العلم، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114 ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) (طه: 114).
ودائرة العلم في المنهج الإسلامي تشمل العلوم النافعة جميعًا، وليس محصورًا بالعلم الشرعي، وإن كان العلم الشرعي يدخل فيه دخولًا أوليًا لكونه يتعلق بالإلهيـات والعبـادات، وعلم معرفة الحلال والحرام، وإنما أيضًا ينطبق هـذا الوصـف "على كل العلم، مادام لا يَخرج عن الحدود، التي رسمها الله، وإلا فانظر... كيف يُنَفّذ المسلمون هذا الأمر الرباني:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60 ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ) (الأنفال: 60)، هل يستطيعون ذلك بغير علم يشمل اليوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والميكانيكا، وعشراتٍ غيرها من العلوم؟! وكيف ينفذون أمره تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=15 ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ) (الملك: 15)، هل يمشون بغير علم؟ وهل يأكلون من رزقه بغير علم؟ وانظر إلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=13 ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ) (الجاثية: 13)، هل يتحقق التسخير بغير علم؟ هل يقول
[ ص: 37 ] الإنسان للشيء: كن، فيكون؟ أم يحتاج تحقيق التسخير إلى جهد علمي؟! وعشرات من الأمور تقطع بأن العلم، الذي هو فريضة ليس هو العلم الشرعي وحده، إنما هو كل علم نافع، إنما يختلف الأمر بين علم وعلم، فيكون أحدهما فرض عين والآخر فرض كفاية"
[1] .
واهتم منهج التربية الإسلامية بطلب الحكمة وتحصيلها من أي مصدر كان، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ) [2] .
فالحكمة، كما في الحديث، ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها، ويغتنمها حيث ظفر بها، إذ ربما "تفوه بها من ليس لها بأهل، ثم وقعت إلى أهلها، فهو أحق بها من قائلها، من غير التفات إلى خساسة من وجدها عنده"
[3] ، ويروى عن الإمام علي رضي الله عنه قوله: "العلم ضالة المؤمن فخذوه ولو من أيدي المشركين، ولا يأنف أحدكم أن يأخذ الحكمة ممن سمعها"، وعنه أيضًا أنه قال: "الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، يَطْلُبُهَا وَلَوْ فِي أَيْدِيَ الشُّرَطِ"
[4] .
[ ص: 38 ]
وتؤخذ الحكمة ممن تُسمَع منه، ولا يضر كونه ليس أهلًا للحكمة "فالجوهرة النفيسة لا يشينها سخافة غائصها، ودناءة بائعها"
[5] ، وإن من أكبر ما يُفَوِّت الفوائد في الفنون، ترك التلمح للمعاني الصادرة عمن ليس بمحل للحكمة، أترى يمنعك من أخذ اللؤلؤة وجدانك لها في مزبلة
[6] .
والحق يُستفاد من أي أحد، كائنًا من كان، مادام ما قاله حقًا، ولهذا فقد استفاد أبو هريرة رضي الله عنه آية الكرسي عن الشيطان ابتداءً ثم أقره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
( أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ) [7] ، "وفي الحديث من الفوائد أن الشيطان قد يُعَلِّم ما ينتفع به المؤمن، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها، وتؤخذ عنه فَيُنتَفَع بها"
[8] .
وفي حديث السيدة عائشة، رضي الله عنها:
( أنّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْر،ِ فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر؛ِ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ؟ فَقَال: نَعَمْ، عَذَابُ الْقَبْرِ.. قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلاةً إِلاّ تَعَوَّذَ مِنْ [ ص: 39 ] عَذَابِ الْقَبْرِ ) [9] ، ويؤخذ من الحديث إرشاد الخلق إلى قبول الحق من أي شخص كان، فإن الحكمة ضالة المؤمن
[10] .
وتستفاد الحكمة حتى من الحيوانات، فقد ورد في تاريخ بغداد عن "بزر جمهر" أنه قال: "أخذت من كل شيء أحسن ما فيه، حتى انتهيت إِلَى الكلب، وَالهرة، وَالخنزير، وَالغراب، فقيل له: وَما أخذت من الكلب؟ قَالَ: ألفه لأهله وَذبه عَنْ حريمه، قيل فمن الغراب؟ قَالَ: شدة حذره، قيل: فمن الخنزير؟ قَالَ: بكوره فِي إرادته، قيل: فمن الهرة؟ قَالَ: حُسنُ رفقها عند المسألة، ولين صياحها"
[11] .