الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أولا: أهمية الإعلام وخطورته:

            الإعلام سلاح ذو حدين، تستعمل وسائله في الشر كما تستعمل في الخير، وطريقة استخدامها هي التي تحدد لنا الحكم عليها، من حيث الإباحة أو التحريم [1] .

            فوسائل الإعلام ذات تأثير فعال ومهم وخطير، فهي تؤثر في الجمهور، وتعمل على إقناعهم بالمادة المعروضة، وذلك بطريقتين رئيستين:

            "أولا: ... بما تبثه من برامج إقناعية: سياسية، وتجارية، وفكرية.

            ثانيا: ... بطريقة غير مقصودة أو غير مباشرة بما تبثه من أخبار شبه محايدة أو معلومات ومعارف، وهذا التأثير أكثر خطورة؛ لأنها تجعل الناس يصدقون بعض الأساطير بصفتها حقائق" [2] . [ ص: 114 ]

            لذلك يرى كثير من المربين وعلماء النفس أن تأثير التربية المدرسية على الأطفال بدأ يأخذ في الانحسار يوما بعد يوم أمام التربية الموازية، التي يتلقاها الطفل عن طريق وسائل الإعلام، التي يزداد تأثيرها يوما بعد يوم [3] .

            وعلى الرغم من ذلك، يرتبط الإعلام والتربية بعلاقة وطيدة، على أكثر من مستوى، ذلك أن التربية "عملية توجيه الأفراد نحو النمو بشكل يتمشى والخط، الذي ارتضته الأمة لنفسها، والإعلام أيضا عملية توجيه الأفراد بتزويدهم بالمعلومات والأخبار والحقائق لمساعدتهم على تكوين رأي صائب، في واقعة محددة، أو مشكلة معينة، وهذا يعني أن بين التربية والإعلام وشائج قوية، وأرضا مشتركة، فالتربية في جوهرها عملية اتصال، والإعلام بجوهره ومظهره عملية اتصال" [4] .

            لذلك، لابد أن ينشأ بين الإعلام والتربية نوع من التقارب والتجانس والتفاعل "لا أن يعيش كل منهما في عزلة عن الآخر، ويكيل التهم للآخر ويهدم ما بناه" [5] .

            ووسائل الإعلام، في "تعددها وتنوعها، وما تقدمه للإنسان في شتى مجالات الحياة، مختلطا فيه الغث بالسمين، وملتبسا فيه الحق بالباطل، وممزوجة [ ص: 115 ] فيه الحقيقة بالخيال، من أخطر الوسائل في صياغة فكر الإنسان، وتغيير تصوراته واتجاهاته الفكرية والسلوكية" [6] .

            ويزداد الأمر تعقيدا حين يصبح معظم الناس اليوم "عالة على وسائل الإعلام في إشباع احتياجاتهم العديدة، ومنها: الحاجة إلى التعرف على البيئة المحلية والعالمية، والحاجة إلى التوجيه، والحاجة إلى التعليم للقيام بدورهم في البيئة المحيطة بهم" [7] .

            وعلى الرغم من ذلك كله، إلا أنه من المؤسف جدا أن تصبح كثير من المؤسسات الإعلامية في البلاد الإسلامية، عالة على إنتاج مؤسسات الإعلام في العالم الغربي، وأن تعتمد على محاكاة وتقليد البرامج الأجنبية، التي يتملل منها عقلاء أهلها، حذو النعل بالنعل، مما ينتج عنه إصابتنا بعدوى الأمراض الاجتماعية والأخلاقية السائدة في مجتمعات الحضارة الغربية [8] .

            ففي ظل "انبهار العالم الإسلامي بالحضارة الغربية ووسائل التقنية المتقدمة، التي مكنت لنظريات ومفاهيم الإعلام الغربي من الانتشار؛ ولعدم وجود بدائل تضاهيها قوة وعمقا، تربت كثرة من رجال الإعلام المسلمين على مفاهيم ونظريات الإعلام الغربي، فقامت صناعة الإعلام العربي الإسلامي على نفس الأسس والمبادئ والقيم، التي قامت عليها تلك الصناعة في بلاد الغرب، [ ص: 116 ] وبرز جيل من قيادات العمل الإعلامي في العالم العربي والإسلامي مشبعا حتى الثمالة بالأفكار والثقافة الغربية، ونشأت أفكار التغريب مغلفة بدعوات التحديث والتحضر، فكانت المحنة في الإعلام وما تحمله وسائل الاتصال بشتى تقنياتها في العالم الإسلامي" [9] ..

            التالي السابق


            الخدمات العلمية