الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            ضوابط التفاعل الحضاري (وسائله وآثاره التربوية)

            الأستاذ / عبد الولي محمد يوسف

            ثانيا: أهمية المعرفة وحكمها في مصادر التربية الإسلامية:

            لقد حظيت تنمية المؤهلات الفكرية للإنسان بمكانة متميزة في الإسلام؛ ذلك أن "المعرفة هي المفتاح لعبادة الله، وإدراك القدرة والحكمة الإلهية، وسر النظام، الذي يحكم الأشياء، والخلق، ومجموع الكون، قال تعالى: ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ) (الدخان: 38-39).

            وبالمعرفة أيضا يستطيع الإنسان أن يستغل خيرات الأرض لما فيه صالح البشرية وسعادتها" [1] .

            وتعتبر الحواس من أهم المداخل الأساسية للمعرفة، و"تفعيلها في الحياة يساعد الإنسان على تكوين المفاهيم والاتجاهات والمهارات، وإدراك ما يحيط [ ص: 80 ] به من ظواهر طبيعية، ويعتبر العقل أيضا من المداخل الأساسية للمعرفة، لأنه يجمع الإحساسات السابقة واللاحقة، ويعطي لها تفسيرا معينا هو ما يعبر عنه بالفكر" [2] ، قال تعالى: ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) (النحل: 78).

            ومن هذا المنطلق نجد القرآن الكريم ينوه بالعلم والعلماء، فمرة يبين عدم تسويتهم بغيرهم بقوله: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ) (الزمر: 9)، ومرة يبين مكانتهم العالية فيقول: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) (المجادلة: 11)، ومرة ثالثة يقدر علمهم وشهادتهم، فيقول: ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) (آل عمران: 18).

            ويأتي تركيز الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في تربيته للمسلمين "على حفز الجهد العلمي والمعرفي منطلقا من فضل العلم، دون تحديد لنوعية العلم، فالإنسان في حياته الدنيا بحاجة إلى كل أنواع العلوم والتي تنمو وتتطور - كما ونوعا- مع استمرار الحياة" [3] . [ ص: 81 ]

            ولقد اتفق علماء الإسلام على أن من العلم ما هو فرض عين على كل فرد في المجتمع المسلم "كتعلمه أحكام دينه، وفهم عقيدته، وعباداته، وما هو فرض كفاية، كتعـلم العلوم والمهن، التي تلبي حاجات الناس في المجتمع والتي بها قوام الدين والدنيا للجماعة المسلمة... فإذا نهض عدد كاف من العلماء والخبراء والمختصين في كل مجال، وسدوا حاجات الأمة، فقد أدت الأمة واجبها، وسقط عنها الإثم والحرج، وإذا قصرت الأمة في إعداد هؤلاء لسد الحاجات في كل الجوانب، وغدت عالة على غيرها، فهي آثمة" [4] .

            وبهذه الإرشادات التربوية من القرآن والسنة وكلام علماء الأمة ينبغي اقتباس "كل ما جد في الحياة من علوم ومنجزات حضارية نافعة للمجتمع إن لم تكن موجودة، أو العمل على تحضيرها وإنشائها وإتقانها في المجتمع المسلم..." [5] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية