الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أولا: الحاجة إلى استشراف المستقبل:

            إن التطـلع إلى المستـقبل والتشوق إلى معرفته أمر مفطور في النفوس جميعا، فليـس من البشر أحـد إلا وهو يتطلع ويشتاق إلى معرفة ماذا سيكون له أو لأمته أو لغيره؟ ذلك أن من "خواص النفوس البشرية التشوف إلى عواقب أمورهم، وعلم ما يحدث لهم من حياة وموت، وخير وشر، سيما الحوادث العامة كمعرفة ما بقي من الدنيا، ومعرفة مدد الدول أو تفاوتها، والتطلع إلى هذا طبيعة، مجبولون عليها" [1] .

            ويؤكد ابن القيم "أن النفس لها شرف إلى التطلع على الحوادث قبل وقوعها..." [2] ، فالتطلع "للمستقبل يعطي للحياة ديناميكية خاصة، تدفع به نحو المزيد من العطاء للأفضل، ويربطه بالمتغيرات والمستجدات، التي تظهر في حياته، خاصة في عصرنا الراهن المليء بالمتغيرات والمفاجآت" [3] .

            وتؤثر الدراسة المستقبلية "في تشكيل هوية الأمة، وتحديد صورتها، التي تكون عليها في كل المجالات، كالتعليم، والاقتصاد، والنمط الاجتماعي والثقافي، وغيرهما، ذلك أن الصورة الراهنة ستتبدل بصورة أخرى، تفرضها [ ص: 184 ] موجات وأدوات التغيير من سبل الاتصال، والبث الإعلامي، وموجات الدعـاية والإعـلانات المغرية، وانفتـاح العـالم على بعضه تبعا لذلك، وذلك ما نرى بوادره المعـاشة الآن، فإما أن نستعـين بالله ونصنـع مستقبـلنـا بأنفسنا وأدواتنا وبإمكاناتنا وظروفنا، وإلا سيفلت الزمام من أيدينا، ونعيش على فتات الغير" [4] .

            ومن ثم، فإن استشراف المستقبل حاجة بشرية، وضرورة إنسانية، وذلك بحكم ما جبل عليه الإنسان من حب الاستطلاع، والتشوف إلى ما يستقبله من الأمر، وتزداد حدة هذه الغريزة في عصرنا المليء بالمتغيرات والمفاجآت.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية