الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            ضوابط التفاعل الحضاري (وسائله وآثاره التربوية)

            الأستاذ / عبد الولي محمد يوسف

            ثانيا: أهمية ترتيب الأولويات في منهج التربية الإسلامية:

            تعتبر قضية ترتيب الأولويات من المهارات، التي يحتاج إليها الفرد والجماعة في حياتهم اليومية، ذلك أن متطلبات الحياة متشعبة، وحاجات الفرد والجماعة غير متناهية، والوقت غير كاف لتحقيق ذلك كله، فإذا لم يرتب الإنسان وينظم الوقت، والجهد، والإمكانات، والموارد البشرية والمادية، ويقدم الأهم على الأقل أهمية، بناء على استراتيجية الفرد والجماعة للتنمية والمشتقة من أهدافهم، فإن ذلك يؤدي إلى التشتت الذهني، والسير في اتجاه لا يخدم الهدف الأهم، ولا يحقق الإنجاز والإنتاج المطلوب، كما قد يؤدي إلى خسارة فادحـة، ومن هنا تأتي أهميـة مراعـاة ترتيب الأولويات في حياتنا اليومية [ ص: 166 ] بشكل عـام، وفي العملية التربوية بوجه خاص، وفي التفاعل الحضاري على الوجه الأخص.

            ومنهج التربية الإسلامية مبني على ترتيب الأولويات، فهو منهج قرآني وأسلوب نبوي، يدل على ذلك ورود الآيات العديدة، التي وجهت المسلم إلى مراعاة الأولويات وترتيبها، ومن ذلك قول الله تعالى: ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) (الإسراء: 53)، وقوله: ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ) (الزمر: 17-18)، فهذه الآيات وغيرها فيها توجيه للمسلم للسعي نحو الأحسن والأكمل.

            وقوله تعالى: ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ) (البقرة: 219)، فيـه توجيه للمسـلم لأولـوية درء المفسـدة الغالبة على المصلحة المغلوبة.

            كذلك يتجلى ترتيب الأولويات واضحا في دعوات رسل الله تعالى إلى أقوامهم، حيث تباينت أولوياتهم الدعوية، وفقا لانحرافات أقوامهم والأدواء المنتشرة في أزمانهم. [ ص: 167 ]

            والمتتبع لمسيرة هذا الدين "والمتبصر في المنهج الرباني في إتمام هذا الدين وإكماله، والمتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق الشرع والدعوة إلى الله، لا بد وأن يصل إلى حقيقة ثابتة وواضحة، ألا وهي وجوب مراعاة الأولويات لتحقيق مقاصد الشارع من الشرع ومن تطبيقه، فمراعاة الأولويات سنة ربانية من سنن الله عز وجل في الدين والحياة والكون" [1] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية