الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            1- الابتعاد عن العقيدة الإسلامية الصحيحة:

            تقف العقائد في الأمم "سدودا بينها وبين الأفكار الوافدة أو المذاهب المقتحمة، وتعطي أعماقا للصروح والمجتمعات والأفكار، كما تمنح استقرارا وثباتا للإنسان في الحياة، أما إذا تركت الأمم عقائدها، وتخلفت عن غذائها الروحي، وعن عمقها الإيماني، فإنها تصبح فريسة لمن هب ودب" [1] .

            لقد أدى الخلط والاضطراب في مفهوم التفاعل الحضاري الصحيح مع الأمم الأخرى، وجهل كثير من المسلمين بأبعاد عقيدتهم، وأنها تمثل السياج الحامي، والسد المنيع، أدى ببعض أبناء المسلمين إلى اقتباس كثير من الأفكار الإلحادية الهادمة السائدة في الحضارات الأخرى، مما انتهى بهم إلى الضلال [ ص: 195 ] وعدم الاهتداء إلى سبل السلام وحقائق الإيمان الصحيح؛ ذلك أن قضية الإيمان في الحضارة الإسلامية قضية جوهرية لا تقبل المساس، ولا تسمح أن يتعرض لها بالتبديل أو التغيير.

            ولقد تميزت الحضارة الإسلامية "وكان لابد أن تتميز بين حضارات الشرق وحضارات الغرب، ذلك أنها انطلقت وسارت واستهدفت غاية من زاوية لها قيمتها، هي: الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له، والتوحيد هو لب القضية الإيمانية... من أجل عمارة الكون وتعمير الحياة بالخير والرخاء في ظل منهج العقيدة" [2] .

            والمسـلمون، لو عـادوا إلى "مذهبيتهم الإسلامية"، كما يقول محسن عبد الحميد، وهو يؤكد أهمية العقيدة في بناء الحضارة، "لاستطاعوا أن يخدموا أنفسهم ويفيدوا غيرهم، من أجل إنقاذ الحضارة من المادية الموغلة، والقيادات الطاغوتية المنحرفة، والقيام بدور عالمي لإنقاذ البشرية" [3] .

            فالانحراف في العقيدة، وعدم الاهتداء إلى الإيمان الصحيح سبب رئيس من أسباب تخلف المسلمين، وليس التحدي الفكري والأخلاقي والاجتماعي وغيرها من التحديات "إلا صورة من غياب المواجهة العقدية، والأمة التي تبتعد عن عقيدتها لا شك أنها ستبتعد عن معطيات هذه العقيدة؛ وغياب أو تغييب [ ص: 196 ] العقيدة الإسلامية وتأثيرها عن واقع الحياة يؤدي إلى قيام مجتمعاتنا العربية والإسلامية على أسس غريبة عن أصالتها وانتمائها" [4] .

            ومن هنا ندرك أهمية العقيدة الإسلامية، وكيف ولماذا هي مستهدفة من قبل أعداء الأمة، الذيم لما يئسوا من تحريفها نتيجة وعد الله بحفظها، عمدوا إلى زعزعتها في نفوس أبناء الأمة عبر كثير من وسائل التفاعل الحضاري.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية