الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الدعوة

            أولا: الدعوة لغة واصطلاحا:

            الدعوة لغة: مأخوذة من الدعاء، وهو الندا، "الدال والعين والحرف المعتل أصل واحد، وهو أن تميل الشيء إليك بصوت وكلام يكون منك، تقول: دعوت أدعو دعاء" [1] ؛ و"دعا بالشيء دعوا، ودعوة، ودعاء، يقال: دعا بالكتاب والشيء إلى كذا: احتاج إليه، ويقال: دعت ثيابه: أخلقت، ودعا على فلان: طلب له الشر، وإلى الشيء: حثه على قصده، يقال: دعاه إلى القتال، ودعاه إلى الصلاة، ودعاه إلى الدين، وإلى المذهب" [2] ؛ و"النبي داعية الله، وهم دعاة الحق، ودعاة الباطل، ودعاة الضلالة" [3] .

            أما فيما يخص الدعوة إلى الله تعالى فإنها تطلق على مقصدين [4] :

            الأول: تطلق على الإسلام كله، قال تعالى: ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه [ ص: 121 ] وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) (الرعد: 14)، فيقال دعوة الإيمان، ودعوة الإسـلام، ودعوة الأنبياء، وهـكذا..، ومن هـذا المعنى ما ورد في دعاء الأذان: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة ) (البخاري)، أي دعوة التوحيد، ودعوة الإيمان.

            الثاني: تطلق على كل عمل يدعى فيه إلى الله: كالتدريس، والخطابة، والوعظ، والمحاضرات والمؤتمرات، والمناظرات، والدفاع عن الإسلام، والرد على خصومه، والجهاد وكل ما من شأنه إعلاء كلمة الإسلام.

            والـدعوة إلى الله تـكون بمعـنى: نداء النـاس لفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، قال تعالى: ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ...... ) (البقرة: 221)، وقال سبحانه إخبارا عن مؤمن آل فرعون: ( ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) (غافر: 41).

            والدعوة إلى الله هي: "الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا به، وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه" [5] ؛ فهي: "تبليغ الناس جميعا [ ص: 122 ] دعوة الإسلام، وهدايتهم إليها قولا وعملا في كل زمان ومكان، بأساليب ووسائل خاصة، تتناسب مع المدعوين على مختلف أصنافهم، وعصورهم" [6] .

            فالدعوة الإسلامية هي: "تعريف شامل، وتربية بالإسلام وتعاليم هذا الدين الحنيف؛ لانتشال الأفراد من السعي وراء الدنيا وشهوتها، ومن الانحلال الخلقي، والتقاتل البغيض، والحروب المدمرة.. إلى جنة الخلد، ورضوان الله سبحانه وتعالى" [7] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية