الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            ضوابط التفاعل الحضاري (وسائله وآثاره التربوية)

            الأستاذ / عبد الولي محمد يوسف

            رابعا: أهمية استشراف مستقبل التفاعل الحضاري:

            تظهر أهمية الدراسات المستقبلية في مجال التفاعل الحضاري من بعدين رئيسين هما:

            البعد الأول: استشراف احتياجات الأمة الإسلامية المستقبلية من الحضارة الغربية المعاصرة، ومن خلال هذا البعد يمكن القول: إن احتياجات الأمة ومتطلباتها الأساسية -لتأخذ طريقها إلى التقدم- عديدة ومتنوعة، حيث إنها تمس نواحي كثيرة من المجالات الحياتية: العلمية، والإدارية، والسياسية، والاقتصادية، والتقنية، والأمنية، وغير ذلك من المجالات، ويتطلب التخطيط لتوفير هذه الاحتياجات إلى دراسة مستقبلية ونظرة استشرافية لما قد تحتاجه الأمة لضمان تفوقها العلمي والتقني والسياسي والعسكري في مستقبلها القريب والبعيد.

            وتشير عملية "استقراء الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتربوي في دول كثيرة، وخصوصا النامية، تشير إلى انبثاق عدد من التحولات تأخذ منحى التداعيات، التي تشكل مخاوف للناس ليس في حاضرها فقط وإنما للمستقبل أيضا، وللاحتياط من هذه التداعيات لا بد من تحديد القضايا [ ص: 189 ] الكبرى، التي لها صلة مباشرة بحياة الأفراد مستقبلا والتي تتطلب استراتيجيات تنفيذية وعلاجية في ظل الثورة التكنولوجية" [1] .

            لذا فإنه لابد من محاولة تصور المستقبل، وتحديد الصورة، التي ينبغي أن تكون عليها الأمة في غدها القريب، يقول محمود سفر: "إن طريق البناء الحضاري، الذي ترتجيه الأمة يفرض عليها شروطا لا بد من تحقيقها، ويحدد مسارات لا بد من السير فيها لإكمال المشوار المبتغى، فإن كان التسابق الاستهلاكي واللهث خلف عالم الأشياء هو الطريق المرتجى فإنه يقود بلا شك إلى إخلاد الأفراد إلى ترف، من شأنه أن يعوق عملية النهوض ذاتها، ولا يساعد على قيام قوة إنتاجية محلية تعتمد على الإحلال المتصل والإبدال المستمر للطاقة البشرية المستقدمة بطاقة بشرية وطنية.. وإن كان الطريق المؤمل لنهضة شاملة وحقيقية هو ترسيخ الاعتماد على الذات، والمزاحمة على عالم الغد بكل ما يحمله ذلك العالم من مفاجآت وتحديات، فإنه يفرض علينا الدعوة إلى تنمية تقنية نوعية، ترتكز على إعداد وتدريب وتأهيل الطاقة البشرية" [2] .

            البعد الثاني: استشراف الآثار السلبية، التي قد تنتج عن التفاعل الحـضـاري، سـواء كانت آثارا متعـلقـة بالجـانب الـعـقـدي أو الأخـلاقـي أو الاجتماعي، أو غير ذلك. [ ص: 190 ]

            فدراسة هذه الآثار مسبقا قبل أي تفاعل مع أي حضارة مهمة جدا، ذلك أننا من خلال الدراسة المستقبلية لعواقب التفاعل الحضاري نستطيع البت بالإقدام على التفاعل الحضاري أو التوقف منه، إذ أن عملية الانفتاح ليست سهلة "فكم قضي على هوية شعوب ومجتمعات من جراء عملية الانفتاح دون أن تحقق الفائدة المرجوة" [3] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية