الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ثانيا: أهمية الدعوة وحاجة الناس إليها:

            الدعوة إلى الله هي مهمة الرسل وأتباعهم، فقد أوجب الله عليهم ذلك، بل ابتعثهم من أجله، وكلفهم تبليغ دينه إلى الناس، وهي من أهم الواجبات المنوطة بهم بعد الإيمان به، قال تعالى: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) (النحل: 36)، وقال: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) (آل عمران: 110). [ ص: 123 ]

            وقد مدح الله سبحانه المبلغين عنه، فقال تعالى: ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ) (الأحزاب: 39).

            ومقام الدعوة في الإسلام مقام عظيم، بل هي "أساس من أسس انتشاره، وركن من أركان قيامه، فلولا الدعوة إلى الله لما قام دين، ولا انتشر إسلام، ولولاها لما اهتدى عبد، ولما عبد الله عابد.. ولما دعا الله داع... وبالدعوة إلى الله تعالى: تتحسن أخلاق الناس، وتقل خلافاتهم، وتزول أحقادهم وضغائنهم، ويقل أذى بعضهم لبعض" [1] .

            والناس، على مختلف أجناسهم "وألوانهم، وأزمانهم، وقوتهم، وضعفهم، بحاجـة ماسة إلى الدعوة الإسلامية، وبحاجة إلى دين الله القويم" [2] ؛ وقد أكد ابن القيم، رحمه الله، أن: "حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية فوق حاجتهم إلى كل شيء، ولا نسبة لحاجتهم إلى علم الطب إليها، ألا ترى أن أكثر العالم يعيشون بغير طبيب... وأما الشريعة فمبناها على تعريف مواقع رضا الله وسخطه في حركات العباد الاختيارية... فليس الناس قط إلى شيء أحوج منهم إلى معرفة ما جاء به الرسول، والقيام به، والدعوة إليه، والصبر عليه، وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه، وليس للعالم صلاح بدون ذلك البتة..." [3] . [ ص: 124 ]

            وهذا كله، يدل على أن الدعوة ضرورة من ضرورات الحياة، ولن يوجد المجتمع الصالح إلا حيث توجد هذه الدعوة، التي تهذب النفوس، وتخلصها من عوامل الشر والفساد.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية