الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3333 3334 3335 3336 3337 3338 3339 ص: وقد روي عنه في ذلك أيضا ما قد حدثنا أبو بكرة ، قال حدثنا أبو داود ، قال : ثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا أن يكون رجلا كان يصوم صياما فليصمه " .

                                                حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : ثنا هشام . . . فذكر بإسناده مثله .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا هشام ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . . . فذكر مثله .

                                                [ ص: 465 ] حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير قال : حدثني أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - عليه السلام - مثله .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا حسين المعلم وهشام بن أبي عبد الله ، عن يحيى . . . فذكر بإسناده مثله .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا الوحاظي -يعني يحيى بن صالح- قال : ثنا سليمان بن بلال ، قال : ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - عليه السلام - مثله .

                                                حدثنا علي بن معبد ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا محمد بن عمرو . . . فذكر بإسناده مثله .

                                                فلما قال رسول الله - عليه السلام - : "إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم فليصمه " دل ذلك على دفع ما قال أهل المقالة الأولى ، وعلى أن ما بعد النصف من شعبان إلى رمضان حكم صومه حكم صوم سائر الدهر المباح صومه ، فلما ثبت هذا المعنى الذي ذكرنا دل ذلك أن النهي الذي كان من رسول الله - عليه السلام - في حديث أبي هريرة الذي ذكرنا في أول الباب لم يكن إلا على الإشفاق منه على صوام رمضان ، لا لمعنى غير ذلك ، وكذلك يؤمر من كان الصوم بقرب رمضان يدخله به ضعف يمنعه من صوم رمضان أن لا يصوم حتى يصوم رمضان ; لأن صوم رمضان أولى به من صوم ما ليس عليه صومه ، فهذا هو المعنى الذي ينبغي أن يحمل عليه معنى ذلك الحديث ; حتى لا يضاد غيره من هذه الأحاديث .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : قد روي عن النبي - عليه السلام - في عدم كراهة الصوم بعد انتصاف شعبان ; وذلك لأن قوله : "إلا أن يكون رجلا كان يصوم صياما فليصمه " فدل على أن ما بعد النصف من شعبان إلى رمضان حكمه في الصوم كحكم الصوم في سائر الأزمان المباح صومه فإذا كان المعنى على ما ذكرنا ; دل أن النهي المذكور في حديث

                                                [ ص: 466 ] أبي هريرة الذي احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه ، وهو منعهم الصوم فيما بعد النصف من شعبان لم يكن إلا لأجل الشفقة على الذين يصومون رمضان كيلا يدخلهم ضعف ، ولم يكن لمعنى غير ذلك ، والله أعلم .

                                                قوله : "وكذلك يؤمر من كان الصوم . . . إلى آخره " فقوله : "من " مفعول يؤمر في محل نصب ، وهي موصولة ، وقوله : "كان الصوم بقرب رمضان يدخله به ضعف " صلته .

                                                وقوله : "الصوم " ، مرفوع ; لأنه اسم كان ، وقوله : "يدخله " خبره ، وقوله : "ضعف " مرفوع ; لأنه فاعل ، والضمير في "يدخله " يرجع إلى "من " وفي قوله : "به إلى الصوم " الباء فيه للسببية ، وقوله : "يمنعه " جملة في محل الرفع ; لأنها صفة لقوله : "ضعف " والباء في قوله : "بقرب رمضان " في محل النصب على الحال من الصوم ، وقوله : "أن لا يصوم " أي : بأن لا يصوم ، أي : يترك الصوم ، وهو يتعلق بقوله : "يؤمر " ، وقوله : "حتى يصوم " أي : حتى أن يصوم .

                                                ثم إنه أخرج الحديث المذكور من سبع طرق صحاح :

                                                الأول : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه الدارمي في "سننه " : أنا وهب بن جرير ، قال : ثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا تقدموا قبل رمضان يوما ولا يومين ، إلا أن يكون رجلا كان يصوم صوما فليصمه " .

                                                الثاني : عن محمد بن خزيمة ، عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري ، عن هشام الدستوائي . . . إلى آخره .

                                                [ ص: 467 ] وأخرجه البخاري : ثنا مسلم بن إبراهيم ، نا هشام ، نا يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - قال : " لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه ، فليصم ذلك اليوم .

                                                الثالث : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن روح بن عبادة ، عن هشام الدستوائي ، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه الترمذي : نا أبو كريب ، قال : نا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي - عليه السلام - : "لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم ، صوموا لرؤيته ; فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا " .

                                                قال أبو عيسى : حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح .

                                                الرابع : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي شيخ الشافعي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه ابن ماجه : أنا هشام بن عمار ، نا عبد الحميد بن حبيب والوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا تقدموا صيام رمضان بيوم ولا يومين ، إلا رجل كان يصوم صوما فيصومه " .

                                                الخامس : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن روح بن عبادة ، عن حسين المعلم وهشام الدستوائي ، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .

                                                [ ص: 468 ] وأخرجه أحمد في "مسنده " .

                                                السادس : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن يحيى بن صالح الوحاظي ، عن سليمان بن بلال القرشي ، عن محمد بن عمرو الليثي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه الدارقطني في "سننه " : ثنا ابن صاعد وابن غيلان ، قالا : ثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا أبو بكر بن عياش ، ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا تعجلوا شهر رمضان بيوم ولا بيومين " .

                                                السابع : عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .

                                                وهذا الحديث أخرجه الجماعة من وجوه مختلفة .




                                                الخدمات العلمية