الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3165 ص: وقد جاء عن رسول الله - عليه السلام - خلاف ذلك ، فهو ما قد روينا عنه مما تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا أنه قال : " إن بلالا ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم " وأنه قال : "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ; فإنه إنما يؤذن لينبه نائمكم وليرجع قائمكم " .

                                                ثم وصف الفجر بما قد وصفه به ، فدل ذلك أنه هو المانع من الطعام والشراب ، ومما سوى ذلك مما يمنع منه الصيام . فهذه الآثار التي ذكرنا مخالفة لحديث حذيفة - رضي الله عنه - .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : جاء عن رسول الله - عليه السلام - خلاف ما روي عن حذيفة ، وهو ما أخرجه في كتاب الأذان في هذا الكتاب :

                                                ثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، قال : ثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " إن بلالا ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم " .

                                                وأخرجه البخاري : عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك نحوه .

                                                وأخرج أيضا في كتاب "الأذان " : ثنا فهد ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا زهير بن معاوية ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ،

                                                [ ص: 260 ] أن النبي - عليه السلام - قال : "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه ينادي أو يؤذن ليرجع غائبكم ولينبه نائمكم . وقال : ليس الفجر أو الصبح هكذا وهكذا وجمع أصبعيه وفرقهما . . . " الحديث .

                                                وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وفي رواية النسائي أن رسول الله - عليه السلام - قال : "إن بلالا يؤذن بليل لينبه نائمكم ويرجع قائمكم ، وليس الفجر أن يقول هكذا -وأشار بكفيه- ولكن الفجر أن يقول هكذا- وأشار بالسبابتين " .

                                                ومن الأحاديث التي تخالف حديث حذيفة : ما رواه سمرة بن جندب يقول : قال رسول الله - عليه السلام - : "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ، ولا بياض الأفق الذي هكذا حتى يستطير " .

                                                أخرجه أبو داود ، وأخرجه مسلم أيضا ولفظه : "لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير " .

                                                وأخرجه الترمذي ولفظه : "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق " . وأخرجه النسائي : ولفظه "لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض ، حتى ينفجر الفجر هكذا وهكذا- يعني معترضا ، وقال أبو داود يعني الطيالسي : بسط بيديه يمينا وشمالا مادا يديه " .

                                                [ ص: 261 ] ومنها حديث عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - ، أن النبي - عليه السلام - قال : "إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم " .

                                                أخرجه البخاري ومسلم .

                                                ومنها حديث أنيسة قالت : قال رسول الله - عليه السلام - : "إذا أذن ابن أم مكتوم فلا تأكلوا ولا تشربوا ، وإذا أذن بلال فكلوا واشربوا " .

                                                أخرجه النسائي .

                                                وهذه الأحاديث تحدد الوقت الذي يحرم به الأكل والشرب على الصائم ، وكلها مخالفة لحديث حذيفة ، فيرد بها حديث حذيفة .




                                                الخدمات العلمية