الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3270 ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا الوهبي ، قال : ثنا ابن إسحاق ، عن عبد الله ابن أبي بكر ، عن حبيب بن هند بن أسماء ، عن أبيه قال : "بعثني رسول الله - عليه السلام - إلى قومي من أسلم فقال : قل لهم : فليصوموا يوم عاشوراء ، فمن وجدت منهم قد أكل في صدر يومه فليصم آخره " .

                                                التالي السابق


                                                ش: الوهبي : هو أحمد بن خالد الكندي الوهبي شيخ البخاري في غير الصحيح .

                                                وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق المدني ، روى له الجماعة ، البخاري مستشهدا ومسلم في المتابعات .

                                                وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني روى له الجماعة .

                                                وحبيب بن هند بن أسماء الأسلمي ، وثقه ابن حبان .

                                                وأبوه هند بن أسماء بن هند بن حارثة الأسلمي الصحابي - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده " : ثنا يعقوب بن إبراهيم ، ثنا أبي ، عن ابن إسحاق قال : حدثني عبد الله بن محمد ، عن حبيب بن هند ، عن أبيه . . . إلى آخره نحوه .

                                                غير أن في لفظه : "قد أكل في أول يومه " ، وهذا يدل على أن صوم يوم عاشوراء كان واجبا .

                                                وقد اختلف العلماء في هذا الباب فقيل : كان صوم يوم عاشوراء فرضا فنسخ برمضان ، وقيل : لم يكن فرضا ولكنه كان مرغبا فيه فخفف أمره وحصل التخيير في صيامه بعد ذلك ، والحديث مما يقوي مقالة أهل المقالة الأولى ، وروي عن بعض

                                                [ ص: 390 ] السلف أن فرضه باق لم ينسخ ، وقد انقرض القائلون بهذا ، وحصل الإجماع على خلافه ، وروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - كراهة قصد تعيينه بالصوم .

                                                وقال أبو عمر : لم يختلف العلماء أن يوم عاشوراء ليس بفرض صيامه ، ولا فرض إلا صوم رمضان ، وقد قال طائفة من العلماء : إنه كان فرضا ثم نسخ برمضان ، ولما فرض رمضان صامه رسول الله - عليه السلام - على وجه التبرك وأمر بصيامه على ذلك وأخبر بفضل صومه ، وفعل بعد ذلك أصحابه ، ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إلى الحارث بن هشام : "إن غدا يوم عاشوراء فصم وأمر أهلك أن يصوموا " .

                                                وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مثله .

                                                قال أبو عمر : وكان طاوس لا يصومه لأنه -والله أعلم- لم يبلغه ما جاء فيه من الفضائل عن النبي - عليه السلام - وليس فيمن خفي عليه ما علمه غيره حجة ، انتهى .

                                                وفيه دلالة على أن النية تجوز في النهار في صوم يوم عليه صومه بعينه ، ولم يكن نوى صومه من الليل . وهو حجة على من يشترط التبييت .




                                                الخدمات العلمية