الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3039 ص: قال أبو جعفر رحمه الله : فذهب قوم إلى وجوب الصدقة في الخيل إذا كانت ذكورا وإناثا وكان صاحبها يلتمس نسلها ، واحتجوا في إيجابهم الزكاة فيها بقول رسول الله - عليه السلام - : "ولم ينس حق الله فيها " .

                                                قالوا : ففي هذا دليل أن لله فيها حقا وهو كحقه في سائر الأموال التي تجب فيها الزكاة .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء : إبراهيم النخعي ، وحماد بن أبي سليمان وأبا حنيفة وزفر بن الهذيل رحمهم الله ; فإنهم قالوا بوجوب الزكاة في الخيل المتناسلة ، واحتجوا على ذلك بقوله - عليه السلام - في الحديث المذكور : "ولم ينس حق الله فيها " ، فهذا دليل أن لله فيها حقا وهو كحقه في سائر الأموال الزكوية .

                                                قال البيهقي : هذا لا يدل على الزكاة . وكذا قال الطحاوي على ما يجيء ; لأنه اختار قول من قال بعدم الوجوب فيها .

                                                [ ص: 81 ] قلت : بل يدل عليها ظاهر قوله : "ولم ينس حق الله في رقابها " مع قرينة قوله في أول الحديث الصحيح : "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته " ، و "ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها " ، و "ما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها " .

                                                وأيضا فغير الزكاة من الحقوق لا يختلف فيها حكم الحمير والخيل ، فافهم .

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه " بسند جيد : عن عمر - رضي الله عنه - ، عن النبي - عليه السلام - حديثا طويلا وفيه : "فلأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاء لها ثغاء ينادي : يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئا فقد بلغت ، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي : يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئا . . . " الحديث .

                                                وروي أنه ذكر بعيرا له رغاء ، فدل على وجوب الزكاة في هذه الأنواع وليس الذم لكونه غل الفرس أو لم يجاهد عليه ; لأن الغلول لا يختص بهذه الأنواع ، وترك الجهاد بنفسه يذم عليه أكثر مما يذم على تركه بفرسه .




                                                الخدمات العلمية