الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3197 3198 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : ثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : " أن رجلا أفطر في رمضان في زمن النبي - عليه السلام - ، فأمره أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا ، فقال : لا أجد ، فأتي رسول الله - عليه السلام - بعرق فيه تمر فقال : خذ هذا فتصدق به . فقال : يا رسول الله إني لا أجد أحدا أحوج إليه مني ، فضحك رسول الله - عليه السلام - حتى بدت أنيابه ، ثم قال : كله " .

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا روح بن عبادة ، قال : ثنا ابن جريج ، قال : حدثني ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، أن أبا هريرة حدثه : " أن النبي - عليه السلام - أمر رجلا أفطر في شهر رمضان أن يعتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكينا " .

                                                قالوا : فإنما أعطاه رسول الله - عليه السلام - ما أعطاه مما أمره أن يتصدق به ، بعد أن أخبره بما عليه في ذلك مما بينه أبو هريرة في حديثه هذا .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه -من التخيير في الكفارة بين العتق والصيام والإطعام - بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قالوا : إنما أعطاه رسول الله - عليه السلام - التمر الذي في العرق الذي أتي به ، وأمره أن يتصدق به عن جنايته تلك ، بعد أن أخبره بالواجب الذي عليه في ذلك مما بينه أبو هريرة بقوله : "أن يكفر بعتق رقبة ، أو صيام شهرين ، أو إطعام ستين مسكينا " ، ذكر ذلك بكلمة : "أو " التي هي للتخيير ، فوجب ذلك على التخيير .

                                                ثم إنه أخرج الحديث المذكور من طريقين صحيحين رجالهما كلهم رجال "الصحيح " ما خلا أبا بكرة وهو أيضا ثقة ثبت .

                                                [ ص: 307 ] وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي .

                                                وابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري .

                                                فبطريقه الأول : أخرجه مالك في "موطإه " .

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب . . . إلى آخره نحوه .

                                                وبطريقه الثاني : أخرجه مسلم : حدثني محمد بن رافع ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا ابن جريج ، قال : حدثني ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، أن أبا هريرة حدثه : "أن النبي - عليه السلام - أمر رجلا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين ، أو يطعم ستين مسكينا " .

                                                قوله : "بعرق " قد مر تفسيره عن قريب .

                                                قوله : "فضحك رسول الله - عليه السلام - " وذلك تعجبا من حاله ومقاطع كلامه وإشفاقه أولا ، ثم طلبه ذلك لنفسه ، وقد يكون من رحمة الله وتوسعته عليه وإطعامه له هذا الطعام وإحلاله له بعد أن كلف إخراجه .

                                                قوله : "حتى بدت أنيابه " أي : ظهرت ، والأنياب جمع ناب ، وهو السن الذي بحذاة الرباعية ، والرباعية -مثل الثمانية- : السن الذي بين الثنية والناب .




                                                الخدمات العلمية