الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3410 ص: وأما حكمه من طريق النظر : فإنا رأينا القيء حدثا في قول بعض الناس ، وغير حدث في قول الآخرين ، ورأينا خروج الدم كذلك ، وكل قد أجمع أن الصائم إذا فصد عرقا أنه لا يكون بذلك مفطرا ، وكذلك لو كانت به علة فانفجرت عليه دما من موضع من بدنه فكان خروج الدم من حيث ذكرنا من بدنه واستخراجه إياه سواء فيما ذكرنا ، وكذلك هما في الطهارة ، وكان خروج القيء من غير استخراج من صاحبه إياه لا ينقض الصوم ، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون خروجه باستخراج صاحبه إياه كذلك لا ينقض الصوم ، فلما كان القيء لا يفطره كان ما ذرعه من القيء أحرى أن يكون كذلك ، فهذا حكم هذا الباب أيضا من طريق النظر ، ولكن اتباع ما روي عن رسول الله - عليه السلام - أولى .

                                                وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وعامة العلماء رحمهم الله .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : وأما حكم هذا الباب من طريق القياس ، تقرير وجه النظر : أن القيء حدث في قول بعض الناس وهم : أبو حنيفة وأصحابه ، وغير حدث في قول الآخرين وهم : الشافعي ومالك وأحمد .

                                                وكذلك خروج الدم من بدن المتوضئ على هذا الخلاف ، وكلهم قد أجمعوا أن الصائم إذا خرج من بدنه دم أنه لا يفطر بذلك ، وكذلك لو كانت ببدنه جراحة أو قرحة فانفجرت عليه وخرج منها دم لا ينقض صومه ، فاستوى فيه الخروج بنفسه والاستخراج بعلاجه ; فالنظر على ذلك ينبغي أن يكون حكم القيء كذلك ; لأن

                                                [ ص: 529 ] خروجه لا ينقض فكذلك استخراجه ينبغي أن لا ينقض ، ولكن تركنا القياس في ذلك واتبعنا الحديث .

                                                وقال "صاحب البدائع " : إن الأصل أن لا يفسد الصوم بالقيء سواء ذرعه أو تقيأ ; لأن فساد الصوم متعلق بالدخول شرعا ، قال النبي - عليه السلام - : "الفطر مما يدخل والوضوء مما يخرج " .

                                                ولكن الفساد بالاستقاء قد عرفناه بنص آخر ، وهو قوله - عليه السلام - : " ومن استقاء فعليه القضاء " . فبقي الحكم في الذرع على الأصل . انتهى .

                                                قلت : قال البخاري : قال ابن عباس وعكرمة : "الفطر مما دخل وليس مما خرج " .

                                                وقد أسند ذلك ابن أبي "شيبة " قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس في الحجامة للصائم فقال : "الفطر مما يدخل وليس مما يخرج " .

                                                وثنا هشيم ، عن حصين ، عن عكرمة به .




                                                الخدمات العلمية