المسألة الثانية: : الفرق بين الإجارتين وبين عقد الحكر
البناء والشجر في الحكر ملك للمستحكر; لأنه أنشأها بماله الخاص بعد أن قدم مبلغا يقارب قيمة الأرض الموقوفة، أما في الإجارتين فإن البناء والأرض ملك للوقف; لأن العقد في الإجارتين يكون على عقار متوهن يجدد تعميره بالأجرة المعجلة نفسها والمقدمة للوقف .
ولا شك أن عقد الحكر أنفع من عقد الإجارتين; لما سبق بيانه من مصرف الأجرة المعجلة في كل.
كما أن الذي يظهر بعد تأمل هذه الصورة من صور الاستثمار الوقفي أنها في حقيقتها تتضمن استبدالا للوقف، ويجب أن يجرى فيها ما يشترط [ ص: 123 ] لصحة الاستبدال الوقفي من تحقق الغبطة وظهور المصلحة، وإلا فالمنع واجب.
ووجه ذلك: هو ما ذكرنا سابقا من كون هذا الحق قابلا للبيع والإرث وغيره من التصرفات الدالة على الملك كما أن الأجرة التي تدفع سنويا إنما هي أجرة ضئيلة جدا، وإنما يقصد منها التنبيه إلى أن هذه الأرض موقوفة، وهي حكر الآن فحسب دون أن ينتفع منها.
والعبرة بحقيقة الأمر لا بالمسميات والمصطلحات، فما دام الريع رمزيا والعين موقوفة تحت يد المستحكر يتصرف فيها تصرف الملاك فيهبها أو يبيعها كما يورثها ، فالعقد استبدال في حقيقته لا إجارة وإن سميت حكرا.
ما لم يكن هذا الحكر للأرض الموقوفة محددا بمدة زمنية معينة فيكون العقد حينئذ - إذا تضمن المصلحة للوقف كان بإذن القاضي - صحيحا ، وعليه يفهم ما ذكر من بيع الحكر وإرثه، وغير ذلك بمعنى التصرف فيما بقي من مدة العقد، ويكون بيعا للخلو. [ ص: 124 ]