الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثالثة: لزوم الحد إذا كان الواطئ هو الموقوف عليه :

        اختلف العلماء في لزوم الحد على الموقوف عليه إذا وطئ الأمة الموقوفة على قولين، كما في لزوم الحد على الواقف إذا وطئ الموقوفة إلا أن القول بعدم لزوم الحد على الموقوف عليه أقوى من القول بذلك في حق الواقف لوجود شبهة ملكية المنفعة، بالإضافة إلى الخلاف في ملكية الرقبة ، [ ص: 224 ] ولهذا فإن كثيرا ممن قال بحد الواقف لم يقولوا بحد الموقوف عليه، فالقولان هما:

        القول الأول: أنه لا حد على الموقوف عليه بوطئه الأمة الموقوفة .

        وهو قول للحنفية ، وقول للشافعية، ومذهب الحنابلة.

        جاء في الشرح الكبير : "(وليس له وطء الجارية، فإن فعل فلا حد عليه ولا مهر) لا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة; لأنا لا نأمن حبلها فتنقص أو تتلف أو تخرج من الوقف بكونها أم ولد، ولأن ملكه ناقص، فإن وطئ فلا حد عليه للشبهة ولا مهر عليه ; لأنه لو وجب له ولا يجب للإنسان شيء على نفسه".

        القول الثاني: أنه يجب عليه الحد.

        وهو قول للحنفية ، وقول للشافعية .

        الأدلة:

        دليل القول الأول: (لا حد عليه) :

        ما تقدم من الأدلة على درء الحد بالشبهة .

        إذ الموقوف عليه مالك للمنفعة، وهذه شبهة تدرأ الحد.

        دليل القول الثاني: (وجوب الحد) :

        ما تقدم من الأدلة على إقامته حد الزنى على من ثبت عليه . [ ص: 225 ]

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - إن علم الواطئ تحريم الوطء وجب الحد; لانتفاء الشبهة، وإلا لم يجب لوجود الشبهة، وبهذا تجتمع الأدلة .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية