الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث الخامس

        تنازل الناظر عن ولاية الوقف لغيره

        لا يخلو من أحوال:

        الحال الأولى: إذا كانت الولاية استفادها الناظر بلا شرط ولا تعيين فله أن يتنازل عنها باتفاق المذاهب الأربعة.

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "الحاكم - على أي مذهب كان - إذا كانت ولايته تتناول النظر في هذا الوقف كان تفويضه سائغا".

        الحال الثانية : أن يكون هذا التنازل بإذن الناظر أو القاضي فجائز باتفاق .

        الحال الثالثة : ما عدا ذلك، ففي صحته خلاف بين الفقهاء، وذلك على قولين :

        القول الأول: أنه لا يصح تنازل من له الولاية على الوقف لغيره إذا لم يشترط له ذلك . [ ص: 391 ]

        وهذا هو مقتضى إطلاق المالكية، والشافعية ، وبه قال الحنابلة .

        القول الثاني: أن تنازل من له الولاية لغيره إذا لم يشترط له لا يصح ما لم يكن في مرض موته فيصح.

        وبه قال الحنفية .

        الأدلة:

        أدلة القول الأول :

        1- أن الناظر المشروط إنما ينظر بالشرط، فلا يتعدى ما شرط له، فلا يصح تنازله; لأنه لم يشرط له حق الإيصاء.

        2- أنه إدخال في الوقف لغير أهله، فلم يملكه.

        دليل أصحاب القول الثاني: (أن تفويض من له الولاية الفرعية لا يصح إلا بالشرط، أو مرض الموت) :

        1- ما تقدم من الأدلة على العمل بشرط الواقف.

        2 - القياس، حيث قاسوا المتولي المفوض في مرض الموت على الوصي، فقالوا: بما أن للوصي أن يوصي إلى غيره، فكذلك للمتولي إذا كان في مرض موته أن يفوض إلى غيره. [ ص: 392 ]

        ونوقش: بأنه قياس مع الفارق، فلا يصح، ولذلك قال بعض الفقهاء : "إن كلامنا الآن في تفويض المتولي بمعنى فراغه عن النظر ونزوله عنه لآخر لا في إيصاء بالنظر حتى يصح القياس على الوصي، وذلك أن الإيصاء جعل الغير وصيا بعد الموت، والتفويض جعل الغير متوليا في الحال فافترقا ".

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - هو القول، وذلك لقوة ما استدلوا به . [ ص: 393 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية