الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث العاشر

        حكم تحشية الكتب الموقوفة

        في هذه المسألة قولان لأهل العلم:

        القول الأول: تجوز تحشية كتب العلم الموقوفة إذا اقتضت المصلحة ذلك، ومتى انتفت المصلحة لم تجز التحشية .

        وهو قول عند الشافعية .

        قال ابن حجر الهيتمي: "القياس منع التحشية في الكتب الموقوفة ; لأن الكتابة على حواشيها استعمال لها فيما لم يأذن فيه الواقف، والأصل امتناعه إلا إذا اقتضت المصلحة خلافه، وحينئذ فلا يبعد جوازها إن اقتضتها المصلحة بأن كان الخط حسنا، وعاد منها مصلحة على الكتاب المحشي عليه لتعلق الحواشي بما فيه تصحيحا أو بيانا وإيضاحا أو نحو ذلك مما يكون سببا لكثرة مطالعة الناس له، وانتفاعهم به; لأن الواقف لو اطلع على ذلك لأحبه لما فيه من تكثير الثواب له بتعميم النفع بوقفه، ومتى انتفى شرط مما ذكرته لم تجز التحشية، وهذا كله وإن لم أره منقولا لكن كلامهم في باب الوقف دال عليه ".

        وأما الحواشي التي لا تعود منها مصلحة على ما في الكتاب فيمنع منها ; لأنها تضر بمحلها من الورق ففيها نوع ضرر للعين الموقوفة . [ ص: 177 ]

        فعند المصلحة يحتمل الجواز; لأن المصلحة محققة والمضرة موهومة ، والقاعدة أن: "المحقق مقدم على الموهوم".

        القول الثاني: لا تجوز التحشية على الكتب الموقوفة ولو اقتضت الحاجة أو المصلحة ذلك.

        وهو قول آخر عند الشافعية .

        وحجته :

        قالوا: "لا يكتب حواشي بهامش الكتاب، وإن احتيج إليها ; لما فيه من تغيير الكتاب من أصله، ولا نظر لزيادة القيمة بفعله". [ ص: 178 ]

        [ ص: 179 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية