الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث الرابع

        وظيفة الناظر على الوقف

        اتفق أصحاب المذاهب الأربعة - الحنفية، والمالكية، والشافعية ، والحنابلة .

        والضابط في هذا أنه لا يخلو من أحوال :

        الحال الأولى : أن يكون في ذلك شرط لفظي من الواقف، فيرجع إليه .

        الحال الثانية : أن يكون في ذلك شرط عرفي، فيرجع إليه .

        الحال الثالثة : إذا لم يكن شيء من ذلك ، فيرجع إلى كلام العلماء.

        قال الطرابلسي: "ليس له حد معين، وإنما هو على ما تعارفه الناس من الجعل عند عقده الوقف ليقوم بمصالحه من عمارة، واستغلال، وبيع غلات، وصرف ما اجتمع عنده فيما شرطه الواقف، ولا يكلف من العمل بنفسه إلا مثل ما يفعله أمثاله، ولا ينبغي له أن يقصر عنه، وأما ما تفعله الأجراء والوكلاء فليس ذلك بواجب عليه حتى لو جعل الولاية إلى امرأة، وجعل لها أجرا معلوما لا تكلف إلا مثل ما تفعله النساء عرفا، ولو نازع أهل الوقف [ ص: 360 ] القيم، وقالوا للحاكم: إن الواقف إنما جعل له هذا في مقابلة العمل وهو لا يعمل شيئا، لا يكلفه الحاكم من العمل ما لا يفعله الولاة".

        وقال ابن رشد فيمن حبس على أولاده الصغار: "إن كانت الصدقة والحبس على صغار كلهم، فحيازة أبيهم لهم حوز إذا أشهد لهم وبتل لهم صدقتهم أو حبسهم، فكان هو القائم بأمرهم والناظر لهم في كراء إن كان أو ثمرة ما تحتاج إليه الصدقات من المرمة والإصلاح".

        وقال النووي: "وظيفة المتولي : العمارة والإجارة، وتحصيل الغلة، وقسمتها على المستحقين، وحفظ الأصول والغلات على الاحتياط - هذا عند الإطلاق - ويجوز أن ينصب الواقف متوليا لبعض الأمور دون بعض بأن يجعل إلى واحد العمارة وتحصيل الغلة، وإلى آخر حفظها وقسمتها على المستحقين، أو يشرط لواحد الحفظ واليد، والآخر التصرف".

        وقال المرداوي: "وظيفة الناظر: حفظ الوقف والعمارة والإيجار والزراعة والمخاصمة فيه، وتحصيل ريعه من تأجيره أو زراعة أو ثمرة، والاجتهاد في تنميته، وصرفه في جهاته من عمارة وإصلاح، وإعطاء مستحق ، ونحو ذلك، وله وضع يده عليه، وعلى الأصل، ولكن إذا شرط التصرف له، واليد لغيره، أو عمارته إلى واحد، وتحصيل ريعه على آخر فعلى ما شرط، قاله الحارثي". [ ص: 361 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية