الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثالث

        التقرير في الوظائف

        فقد اختلف الفقهاء فيمن يتولاه على قولين :

        القول الأول : أن التقرير في الوظائف للناظر ما لم تكن تلك الوظائف من الأمور العامة في الإسلام.

        لكن متى امتنع الناظر من نصب من يقوم بمصلحة الوقف نصب القاضي من يقوم بصلحته .

        وبه قال الشافعية، والحنابلة .

        وقال في كشاف القناع: "ومتى امتنع عن نصب من يجب نصبه، نصبه الحاكم، كما في عضل الولي في النكاح".

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "ليس للحاكم أن يولي، ولا يتصرف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص، إلا أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله" .

        وقال في كشاف القناع: "يقرر حاكم في وظيفة خلت لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه". [ ص: 385 ]

        القول الثاني: أن التقرير في الوظائف للحاكم ما لم يشترط الواقف ذلك للناظر الخاص.

        وبه قال الحنفية.

        الأدلة :

        أدلة أصحاب القول الأول:

        1- أن: "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة"، فيتولى الناظر الخاص كل ما يتعلق بالوقف ، ما لم يكن لها تعلق بالأمور العامة للمسلمين ; لأنه أعلم بمن يصلح ومن لا يصلح، وهو المفوض إليه من جهة الشرع.

        2- أن التقرير في الوظائف وظيفة الواقف، والناظر يستفيد كل ما كان للواقف.

        3- ولأنه حق ثابت للواقف فيلزم ثبوته لنائبه عند الإطلاق.

        4- أنه ليس للحاكم مع الناظر الخاص ولاية على ذلك، كما ليس له ولاية وكيل المتصدق.

        دليل أصحاب القول الثاني:

        أن تقرير الوظائف تصرف في الموقوف عليهم بغير شرط الواقف، وذلك لا يجوز بخلاف ما إذا شرطه الواقف. [ ص: 386 ]

        ونوقش هذا الاستدلال : بأن الناظر نائب عن الواقف في وقفه، فيكتسب بسبب تلك الولاية كل ما كان للواقف، ولو لم يشترطه الواقف.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لقوة ما استدلوا .

        [ ص: 387 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية