المطلب السادس
جناية الوقف
nindex.php?page=treesubj&link=4393عبد الوقف وأمته كغيره من العبيد والإماء مكلف ومؤاخذ بجريرته فيقتص منه ويحد بجنايته، ولم أجد لأحد من العلماء قولا يخالف ذلك.
قال
ابن نجيم معقبا على صاحب الكنز : "أفاد المصنف أن العبيد يصح وقفهم تبعا للضيعة، ولم يذكر أحكامهم في البقاء من التزويج والجناية وغيرهما، وحكمهم على العموم حكم الأرقاء".
[ ص: 255 ]
فلم يفرق
ابن نجيم بين جناية عبد الوقف وأمته، وبين جناية غيرهم من الأرقاء.
قال
النووي: "فرع:
nindex.php?page=treesubj&link=4393إذا جنى العبد الموقوف جناية موجبة للقصاص، فللمستحق الاستيفاء، فإن استوفى فات الوقف كموته وإن عفا على مال، أو كانت موجبة للمال لم تتعلق برقبته ; لتعذر بيع الوقف، لكن يفدى كأم الولد إذا جنت.
فإن قلنا : الملك للواقف فداه، وإن قلنا : لله تعالى، فهل يفديه الواقف، أم بيت المال، أم يتعلق بكسبه؟ فيه أوجه: أصحها: أولها، وإن قلنا: للموقوف عليه ، فداه على الصحيح الذي قطع به الجمهور".
وفي كشاف القناع: "(وإن جنى الوقف خطأ فالأرش على موقوف عليه إن كان) الموقوف عليه (معينا) كسيد أم الولد (ولم يتعلق) الأرش (برقبته) أي: الموقوف; لأنه لا يمكن تسليمه (كأم الولد ولم يلزم الموقوف عليه أكثر من قيمته) أي: الموقوف (كأم الولد) فيلزم أقل الأمرين من القيمة أو أرش الجناية (وإن كان) الموقوف عليه (غير معين كـ) العبد الموقوف على المساكين إذا جنى فـ) أرش جنايته (في كسبه) ; لأنه ليس له مستحق معين يمكن إيجاب الأرش عليه، ولا يمكن تعلقها برقبته فتعين في كسبه (وإن جنى) الموقوف (جناية توجب القصاص وجب) القصاص; لعموم
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45أن النفس بالنفس الآية (فإن قتل بطل الوقف) كما لو مات حتف أنفه، وإن عفا مستحقه فعلى ما سبق من التفصيل في الأرش".
ودليل ذلك:
عموم آيات القصاص والحدود، فلم تفرق بين الوقف وغيره .
[ ص: 256 ]
قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم .
الْمَطْلَبُ السَّادِسُ
جِنَايَةُ الْوَقْفِ
nindex.php?page=treesubj&link=4393عَبْدُ الْوَقْفِ وَأَمَتِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ مُكَلَّفٌ وَمُؤَاخَذٌ بِجَرِيرَتِهِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُحَدُّ بِجِنَايَتِهِ، وَلَمْ أَجِدْ لِأَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَوْلًا يُخَالِفُ ذَلِكَ.
قَالَ
ابْنُ نُجَيْمٍ مُعَقِّبًا عَلَى صَاحِبِ الْكَنْزِ : "أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْعَبِيدَ يَصِحُّ وَقْفُهُمْ تَبَعًا لِلضَّيْعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْكَامَهُمْ فِي الْبَقَاءِ مِنَ التَّزْوِيجِ وَالْجِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَحُكْمُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ".
[ ص: 255 ]
فَلَمْ يُفَرِّقُ
ابْنُ نُجَيْمٍ بَيْنَ جِنَايَةِ عَبْدِ الْوَقْفِ وَأَمَتِهِ، وَبَيْنَ جِنَايَةِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَرِقَّاءِ.
قَالَ
النَّوَوِيُّ: "فَرْعٌ:
nindex.php?page=treesubj&link=4393إِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ، فَلِلْمُسْتَحِقِّ الِاسْتِيفَاءُ، فَإِنِ اسْتَوْفَى فَاتَ الْوَقْفُ كَمَوْتِهِ وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ ; لِتَعَذُّرِ بَيْعِ الْوَقْفِ، لَكِنْ يُفْدَى كَأُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ.
فَإِنْ قُلْنَا : الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ فَدَاهُ، وَإِنْ قُلْنَا : لِلَّهِ تَعَالَى، فَهَلْ يَفْدِيهِ الْوَاقِفُ، أَمْ بَيْتُ الْمَالِ، أَمْ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا: أَوَّلُهَا، وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ، فَدَاهُ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ".
وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: "(وَإِنْ جَنَى الْوَقْفُ خَطَأً فَالْأَرْشُ عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (مُعَيَّنًا) كَسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ (وَلَمْ يَتَعَلَّقِ) الْأَرْشُ (بِرَقَبَتِهِ) أَيِ: الْمَوْقُوفُ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ (كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يَلْزَمِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيِ: الْمَوْقُوفُ (كَأُمِّ الْوَلَدِ) فَيَلْزَمُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَـ) الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إِذَا جَنَى فَـ) أَرْشُ جِنَايَتِهِ (فِي كَسْبِهِ) ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ يُمْكِنُ إِيجَابُ الْأَرْشِ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهَا بِرَقَبَتِهِ فَتُعَيَّنُ فِي كَسْبِهِ (وَإِنْ جَنَى) الْمَوْقُوفُ (جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَجَبَ) الْقِصَاصُ; لِعُمُومِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الْآيَةَ (فَإِنْ قُتِلَ بَطَلَ الْوَقْفُ) كَمَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَإِنْ عَفَا مُسْتَحَقِّهُ فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي الْأَرْشِ".
وَدَلِيلُ ذَلِكَ:
عُمُومُ آيَاتِ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ، فَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ .
[ ص: 256 ]
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .