الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث السادس

        تعدد النظار

        وفيه مطالب:

        المطلب الأول

        اتحاد الوقف المنظور فيه .

        بالاتفاق يجوز تعدد ناظري الوقف مع اتحاد المنظور فيه، وذلك بأن يسند شخص النظر على وقفه إلى شخصين، أو أكثر قياسا على الوكالة والوصية.

        ولا يخلو من حالتين :

        الحال الأولى : أن يسند الواقف النظر على وقفه إلى شخصين، ويصرح بأن لكل واحد منهما حق الانفراد بالتصرف.

        فلكل واحد منهما الانفراد بالتصرف بغير خلاف بين أهل العلم. [ ص: 394 ]

        الحال الثانية : أن يسند الواقف النظر على وقفه إلى شخصين، ويصرح باجتماعهما على التصرف.

        فليس لواحد منهما الانفراد بالتصرف بغير خلاف بين أهل العلم.

        الحال الثالثة : أن يسند الواقف النظر على وقفه إلى شخصين ويطلق :

        وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في حكم انفراد أحدهما بالتصرف فيها من بيع غلاتها وعمارتها، ونحو ذلك على قولين :

        اختلف الفقهاء في ذلك على قولين :

        القول الأول: أن أحد النظار لا يملك الانفراد بالتصرف مستقلا عن الآخرين إلا إذا كان النظر قد شرط لكل منهم.

        وبه قال الإمام أبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وهو الظاهر من قول المالكية، حيث قالوا بعدم جواز انفراد أحد الوكلاء بالتصرف إذا تعددوا إلا إذا كان الموكل قد شرط له ذلك كما سبق .

        وبه قال الشافعية ، والحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. [ ص: 395 ]

        القول الثاني: أن أحد النظار يملك الانفراد بالتصرف مطلقا .

        وبه قال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة .

        الأدلة :

        دليل القول الأول:

        استدل أصحاب هذا القول بما يلي:

        أن الواقف بإسناده النظر إلى اثنين أو أكثر لم يرض بانفراد أحدهم بالتصرف، وإلا لما أسنده إليهم جميعا، فلا يصح.

        دليل القول الثاني: (أنه يملك الانفراد) :

        استدل أصحاب هذا القول بما يلي:

        القياس على الوصي، فكما أنه يصح لأحد الوصيين الانفراد بالتصرف، فكذلك يصح لأحد النظار الانفراد بالتصرف.

        ونوقش هذا الدليل من وجهين :

        الوجه الأول: لا نسلم بأنه يصح لأحد الوصيين الانفراد بالتصرف مطلقا، بل لا يصح إلا إذا جعل الموصي ذلك .

        الوجه الثاني : على تقدير التسليم بذلك فهو قياس مع الفارق; لأن هناك فرقا بين الوصية والوقف، قال البهوتي: "قال أحمد: الوقف غير الوصية ; لأنه لا يباع ولا يورث، ولا يصير ملكا للورثة". [ ص: 396 ]

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لقوة ما استدلوا به، ولأن تعديد النظار من قبل الواقف أو القاضي مقصود لمصلحة الوقف، فيجب مراعاته لتحقيق هذه المصلحة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية