الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    21 - باب فيمن لم يؤمنه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح

                                                                                                                                                                    [ 4612 / 1 ] قال أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر قال: زعم السدي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: " لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة: عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح . فأما عبد الله بن خطل، فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا وكان أشب الرجلين فقتله، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب في البحر فأصابتهم ريح عاصف، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ها هنا. فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم لك علي عهد إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا [ ص: 246 ] كريما. قال: فجاء فأسلم. قال: وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله. قال: فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال: ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله. فقالوا: ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك. فقال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين " .

                                                                                                                                                                    [ 4612 / 2 ] رواه أبو يعلى الموصلي : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ... فذكره.

                                                                                                                                                                    [ 4612 / 3 ] ورواه البزار في مسنده: ثنا يوسف بن موسى، ثنا أحمد بن المفضل ... فذكره.

                                                                                                                                                                    قال البزار : لا نعلمه بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد.

                                                                                                                                                                    قلت: رجاله ثقات، ورواه النسائي في الكبرى بتمامه، وأبو داود في سننه من طريق مصعب بن سعد به مقتصرا على قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح دون باقيه.

                                                                                                                                                                    ورواه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد بن المفضل، عن أسباط بن نصر به، وقال: صحيح على شرط مسلم.

                                                                                                                                                                    [ 4612 / 4 ] ورواه البيهقي في سننه: أبنا أبو طاهر الفقيه، أبنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا أبو الأزهر، ثنا أحمد بن المفضل ... فذكره، إلا أنه قال: " سعيد بن زيد " . [ ص: 247 ]

                                                                                                                                                                    وقال في دلائل النبوة وغيره: إن قاتل مقيس بن صبابة ابن عمه واسمه نميلة بن عبد الله، وكان مسلما.

                                                                                                                                                                    [ 4612 / 5 ] وروى الحاكم والبيهقي في سننه واللفظ له من طريق ابن إسحاق قال: " إنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فرجع مشركا، ولحق بمكة، وإنما أمر بعبد الله بن خطل لأنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار، وكان معه مولى يخدمه وكان مسلما، فنزل منزلا فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا، فعدا عليه فقتله، ثم ارتد مشركا وكانت له قينة وصاحبتها فكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما " انتهى. وأما المرأتان، فقال سيدنا وشيخنا أبو الفضل شيخ الإسلام قاضي القضاة البلقيني - رحمه الله - : فهما القينتان، قتلت إحداهما بمكة يوم الفتح وهي أرنب، وتدعى قريبة، والأخرى استؤمن لها فآمنت وعاشت دهرا، واسمها فرتنا، ويقال: قرتنا .

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية