الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 4563 / 1 ] وبهذا الإسناد إلى الزبير قال: " والله إن النعاس ليغشاني إذ سمعت ابن قشير يقولها وما أسمعها منه إلا كالحلم ثم قرأ: ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ) ... [ ص: 220 ] إلى قوله: ( إن الله غفور حليم ) قال: والذين تولوا عند جولة الناس: عثمان بن عفان، وسعد بن عثمان الزرقي، وأخوه عقبة بن عثمان، حتى بلغوا جبلا بناحية المدينة يقال له الجلعب، ببطن الأعوص فأقاموا به ثلاثا، فزعموا أنهم لما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد ذهبتم فيها عريضة، ثم قال: ( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا ) - يعني المنافقين - ( وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ) ... الآية انتعاء وتحسرا، وذلك لا يغني عنهم شيئا، ثم كانت القصة فيما يأمر به نبيه ويعهد إليه حتى انتهى إلى قوله: ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ) يعني يوم بدر فيمن قتلوا وأسروا ( قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ) أو التي كانت من الرماة قال: فقال: ( وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ) يقول علانية أمرهم ويظهر أمرهم ( وليعلم الذين نافقوا ) فيكون أمرهم علانية، يعني عبد الله بن أبي ومن كان معه ممن رجع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ساروا إلى عدوه ( وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ) وذلك لقولهم حين قال لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم سائرون إلى أحد حين انصرفوا عنهم: أتخذلوننا وتسلموننا لعدونا ؟ فقالوا: ما نرى أن يكون قتالا، لو نرى أن يكون قتالا لاتبعناكم، يقول الله - تعالى - : ( هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون الذين قالوا لإخوانهم ) من ذوي أرحامهم، ولم يعن الله إخوانهم في الدين ( لو أطاعونا ما قتلوا ) قال الله: ( قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين ) [ ص: 221 ] قال إسحاق: هكذا حدثنا به وهب، وأظن بعض التفسير من ابن إسحاق، يعني قوله: كذا يعني كذا.

                                                                                                                                                                    قلت: بل انتهى حديث الزبير إلى قوله: ( غفور حليم ) ومن قوله: قال: ( الذين تولوا ) ... إلى آخر الحديث من حديث ابن إسحاق بغير إسناد.

                                                                                                                                                                    [ 4563 / 2 ] قال إسحاق : وأبنا يحيى بن آدم، ثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: " لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين اشتد علينا الخوف، فأرسل علينا النوم، فما منا أحد إلا ذقنه - أو قال ذقنه - في صدره فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا، فحفظتها، فأنزل الله - تبارك وتعالى - في ذلك: ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ) ... إلى قوله: ( ما قتلنا ها هنا ) لقول معتب بن قشير قال: ( لو كنتم في بيوتكم ) حتى بلغ: ( والله عليم بذات الصدور ) .

                                                                                                                                                                    [ 4563 / 3 ] قال: وثنا وهب، ثنا أبي، سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير بن العوام قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعدين في أحد ... " فذكر الحديث قال: " ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب (فأتى) المهراس فأتاه بماء في درقته، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يشرب منه، فوجد له ريحا فعافه، فغسل به وجهه من الدماء التي أصابته، وهو يقول: اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الذي دماه يومئذ عتبة بن أبي وقاص " .

                                                                                                                                                                    هذا إسناد صحيح.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية