الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    28 - اقتصاص الأمير من عامله لرعيته

                                                                                                                                                                    [ 4238 / 1 ] قال مسدد: ثنا يزيد، ثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس قال: خطب عمر الناس فقال: يا أيها الناس، إنما كنا نعرفكم إذ بين أظهرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ ينزل الوحي، وإذ نبأ الله من أخباركم، ألا فقد مضى النبي صلى الله عليه وسلم وقد انقطع الوحي، فإنما نعرفكم بما نقول لكم، من أظهر منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه، ومن أعلن منكم شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا فإني قد أتى علي زمان وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد به الله وما عنده وقد خيل إلي بأخرة أن رجالا يقرؤونه يريدون به ما عند الناس، ألا فأريدوا الله بأعمالكم وبقراءتكم، ألا وإني لا أرسل إليكم عمالي ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكني إنما أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسننكم، فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفس عمر بيده لأقتصه منه. قال: فوثب عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيتك لو أن رجلا من المسلمين كان على رعية فأدب بعض رعيته، أإنك لتقتصه منه ؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده، وكيف لا أقتص منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتص من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم .

                                                                                                                                                                    [ 4238 / 2 ] رواه إسحاق بن راهويه: أبنا جرير، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال: كان عمر بن الخطاب يأمر عماله يتوافونه الموسم، فيقول: يا أيها الناس، إني لم أستعمل عمالكم - أو قال: عمالي - ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا من أموالكم ولا من أعراضكم، ولكن إنما أستعملهم عليكم ليحجزوا بينكم، وليقسموا فيئكم، فمن كان له مظلمة عند واحد منهم فليقم. قال: فما قام منهم يومئذ غير رجل واحد فقال: يا أمير المؤمنين، عاملك ضربني مائة سوط، قال: قم فاستقد منه. فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إنك إن تفتح هذا على عمالك تكون سنة يستن بها بعدك، فقال: أنا لا أقيد منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيد من نفسه! قال عمرو: دعنا فلنرضه. قال: فأرضوه. قال: فافتدوا منه بمائتي دينار، كل سوط بدينارين .

                                                                                                                                                                    [ 4238 / 3 ] قال: وأبنا جرير، عن ليث، عن عطاء، عن عمر .. نحوه.

                                                                                                                                                                    [ 4238 / 4 ] ورواه أبو يعلى الموصلي : ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، ثنا مهدي بن ميمون، ثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس قال: شهدت عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس قال: فقال: يا أيها الناس، إنه قد أتى علي زمان وإني أرى من قرأ القرآن يريد الله - عز وجل - وما عنده، فيخيل إلي أن أقواما قرؤوه يريدون به الناس ويريدون به الدنيا، ألا فأريدوا الله بأعمالكم، ألا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحي، وإذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وإذ نبأنا الله من أخباركم، فقد انقطع الوحي، وذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فإنما نعرفكم بما نقول لكم، ألا من رأينا منه خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه، ومن رأينا منه شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنما أبعث عمالي ليعلموكم دينكم، وليعلموكم سننكم، ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ألا فمن رابه شيء من ذلك فليرفعه إلي فوالذي نفس عمر بيده لأقصنكم منه، قال: فقام عمرو بن [ ص: 64 ] العاص فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن بعثت علينا عاملا من عمالك فأدب رجلا من أهل رعيته فضربه أكنت تقص منه ؟ قال: فقال: نعم، والذي نفس [ ص: 65 ] عمر بيده لأقصن منه، ألا أقص وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ... فذكره.

                                                                                                                                                                    [ 4238 / 5 ] ورواه البيهقي في سننه أبنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، أبنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ... فذكره.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية