الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 4218 ] قال أبو يعلى الموصلي : وثنا الحسن بن عمر بن شقيق ابن أسماء الجرمي، ثنا جعفر، عن هشام، عن محمد بن سيرين قال: لما أراد معاوية أن يستخلف يزيد بعث إلى [ ص: 50 ] عامل المدينة: أن أفد إلي من شاء. قال: فوفد إليه عمرو بن حزم الأنصاري يستأذن، فجاء حاجب معاوية يستأذن، فقال: هذا عمرو قد جاء يستأذن، فقال: ما جاء بهم إلي ؟ قال: يا أمير المؤمنين، جاء يطلب معروفك. فقال معاوية: إن كان صادقا فليكتب إلي، فأعطه ما سأله ولا أراه، قال: فخرج إليه الحاجب فقال: ما حاجتك ؟ اكتب ما شئت. فقال: سبحان الله أجيء إلى باب أمير المؤمنين فأحجب عنه! أحب أن ألقاه فأكلمه، فقال معاوية للحاجب: عده يوم كذا وكذا، إذا صلى الغداة فليجئ. قال: فلما صلى معاوية الغداة أمر بسريره فجعل في الإيوان، ثم أخرج عنه الناس فلم يكن عنده أحد إلا كرسي وضع لعمرو، فجاء عمرو فاستأذن، فأذن له، فسلم عليه ثم جلس على الكرسي، فقال له معاوية: حاجتك ؟ قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: لعمري لقد أصبح يزيد بن معاوية واسط الحسب في قريش، غني عن المال، غنى إلا عن كل خير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله - تعالى - لم يسترع عبدا رعية إلا وهو سائله عنها يوم القيامة، كيف صنع فيها ؟ وإني أذكرك الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يستخلف عليها ؟ قال: فأخذ معاوية ربوة، ونفس في غداة قر حتى عرق، وجعل يمسح العرق عن وجهه مليا، ثم أفاق فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنك امرؤ ناصح، قلت برأيك بالغ ما بلغ، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم، فابني أحق من أبنائهم، حاجتك ؟ قال: ما لي حاجة. قال ثم قال له أخوه: إنما جئنا من المدينة نضرب أكبادها من أجل كلمات ؟! قال: ما جئت إلا لكلمات. قال: فأمر لهم بجوائزهم، وخرج لعمرو (مثليه ) . [ ص: 51 ]

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية