الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 4540 / 1 ] وقال أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا عبيد الله بن موسى، أبنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي - رضي الله عنه - قال: " لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها، فاجتوينا وأصابنا وعك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخبر عن بدر، فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر - وبدر بئر - فسبقنا المشركون إليها فوجدنا فيها رجلين: رجل من قريش، ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القرشي فانفلت، وأما المولى فأخذناه فجعلنا نقول له: كم القوم ؟ فيقول: هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم. فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: كم القوم ؟ فقال: هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم. فجهد النبي صلى الله عليه وسلم على أن يخبره كم هم فأبى، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون ؟ قال: عشرا كل يوم. فقال رسول الله: القوم ألف، كل جزور مائة وتبعها. ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر فانطلقنا تحت الشجرة والحجف نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه، فلما طلع الفجر نادى: الصلاة عباد الله. فجاء الناس من تحت الشجر والحجف، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرض على القتال، ثم قال: إن جمع قريش عند هذه الضلعة الحمراء من الجبل. فلما أن دنا القوم منا صاففناهم، إذ جاء رجل منهم على جمل له يسير في القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي، ناد لي حمزة. وكان أقربهم إلى المشركين - من صاحب الجمل الأحمر ؟ فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال، ويقول لهم: يا قوم، إني أرى قوما مستمكنين لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم، أعصبوها اليوم برأسي، وقولوا: جبن عتبة بن ربيعة، [ ص: 207 ] وقد علمتم أني لست بأجبنكم. فسمع ذلك أبو جهل فقال: أنت تقول هذا لو غيرك يقول هذا أعضضته، لقد ملئت رئتك وجوفك رعبا. فقال عتبة: إياي تعير يا مصفر استه! فسيعلم اليوم أينا أجبن. فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية، فقالوا: من يبارز ؟ فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارزنا من بني عمنا، من بني عبد المطلب. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة بن الحارث. فقتل الله عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة بن الحارث، فقتلنا منهم سبعين، وأسرنا سبعين فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس أسيرا، فقال العباس: يا رسول الله، إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق، ما أراه في القوم. فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسكت لقد أيدك الله بملك كريم. قال: ثم قال علي: فأسر من بني عبد المطلب العباس وعقيل ونوفل بن الحارث " .

                                                                                                                                                                    [ 4540 / 2 ] رواه أحمد بن حنبل: ثنا حجاج، ثنا إسرائيل ... فذكره بتمامه.

                                                                                                                                                                    قلت: رواه أبو داود في سننه باختصار من طريق عثمان بن عمر، عن إسرائيل به.

                                                                                                                                                                    ورواه البيهقي في سننه من طريق شبابة، عن إسرائيل به.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية