أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن بطة، قال: حدثنا الحسن بن الجهم بن مصقلة، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي، عن شيوخه، في قصة عبد الله بن عمرو بن حرام، قالوا: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: عبد الله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح في قبر واحد" ، ويقال: إنما أمر بذلك لما كان بينهما من الصفاء، فقال: "ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد" "ادفنوا ، ويقال: إنهما وجدا وقد مثل بهما كل المثل، فلم تعرف أبدانهما، وكان عبد الله بن عمرو رجلا أحمر أصلع ليس بالطويل، وكان رجلا طويلا، فعرفا، ودخل السيل عليهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، فحفر عنهما وعليهما نمرتان، وعبد الله قد أصابه جرح في يده، فيده على جرحه، فأميطت يده عن جرحه، فانثعب الدم فردت إلى مكانها فسكن الدم، قال: عمرو بن الجموح جابر فرأيت أبي في حفرته فكأنه نائم، فقيل له: أفرأيت أكفنته؟ فقال: إنما دفن في نمرة خمر بها وجهه، وعلى رجليه الحرمل، فوجدنا النمرة كما هي، والحرمل على رجليه على هيئته، وبين ذلك ست وأربعون سنة، فشاورهم جابر في أن يطيب بمسك، فأبى ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 294 ] ويقال: إن معاوية لما أراد أن يجري الكظامة نادى مناديه بالمدينة: من كان له قتيل بأحد فليشهد، فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون، فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فانثعب دما، فقال لا ينكر بعد هذا منكر، ووجد أبو سعيد الخدري: عبد الله بن عمرو ، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فحولا.
وذلك أن القناة كانت تمر على قبرهما، خارجة بن زيد بن أبي زهير وسعد بن الربيع في قبر واحد، فتركا. ووجد
ولقد كانوا ". يحفرون التراب، فحفروا نثرة من تراب، ففاح عليهم ريح المسك
قلت: كذا في رواية أهل المغازي أنه كان مع في قبر واحد إلى الوقت المذكور فيها، وقد أخبرنا عمرو بن الجموح أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو عمرو المقرئ ، قال: حدثنا محمد بن يوسف ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن حسين المعلم، عطاء، عن جابر قال: لما حضر أحد دعاني أبي من الليل فقال: "ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن علي دينا فاقض، واستوص بأخواتك خيرا.
فأصبحنا فكان أول قتيل، فدفنت معه آخر في قبر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر، [ ص: 295 ] أخرجه في الصحيح هكذا وفي رواية فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه" عن ابن أبي نجيح، عطاء، عن جابر : فلم تطب نفسي حتى أخرجته، فدفنته على حدة.
قد أخرجناه في كتاب السنن.