الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر ، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان ، قال: حدثنا عمار بن الحسن، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق ، في ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهر ربيع وبعض جمادى، ثم غزا نجدا يريد محاربا، وبني ثعلبة من غطفان، وهي غزوة ذات الرقاع فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة ذات الرقاع أقام بها جمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجبا، ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان " فذهب الواقدي إلى ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن [ ص: 371 ] الفرج، قال: حدثنا الواقدي قال: " وإنما سميت ذات الرقاع لأنه قيل كان فيه بقع حمرة وسواد وبياض، فسمي ذات الرقاع قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة السبت لعشر خلون من المحرم على رأس سبعة وأربعين شهرا، وقدم صرارا يوم الأحد لخمس بقين من المحرم، وذات الرقاع قريبة من النخيل بين السعد والشقرة، وبئر أرما على ثلاثة أميال من المدينة، وهي بئر جاهلية، غاب خمس عشرة ليلة ".

                                        قال الواقدي : حدثنا الضحاك بن عثمان، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر، وحدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن جابر، وعن مالك، وعبد الله بن عمر، عن وهب بن كيسان، عن جابر، وقد زاد بعضهم على بعض في الحديث، وغيرهم قد حدثني، قالوا: قدم قادم بجلب له فاشترى بسوق النبط، وقالوا: من أين جلبت جلبك؟ قال: جئت به من نجد، وقد رأيت أنمارا وثعلبة قد جمعوا لكم جموعا، وأراكم هادين عنهم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعمائة من أصحابه، وقال مقاتل: سبعمائة أو ثمانمائة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة حتى سلك على المضيق، ثم أفضى إلى وادي الشقرة، فأقام به يوما وبث السرايا، فرجعوا إليه مع الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحدا، وقد وطئوا آثارا حديثة، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى أتى محالهم فيجدون المحال ليس فيها أحد، وهربت الأعراب إلى رؤوس الجبال، فهم مطلون على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خاف الناس بعضهم بعضا، والمشركون منهم قريب، وخاف المسلمون ألا يبرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستأصلهم، وفيها صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ".

                                        [ ص: 372 ] قلت: وفي الحديث الثابت عن أبي موسى الأشعري في الغزوة التي شهدها وسماها ذات الرقاع، قال: فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، قال: فسميت غزوة ذات الرقاع.

                                        وروينا عن الواقدي في الغزوة التي غزاها محاربا وبني ثعلبة، أنها سميت ذات الرقاع لأنه جبل كان فيه بقع حمرة وسواد وبياض، فإن كان الواقدي حفظ ذلك فيشبه أن تكون الغزوة التي شهدها أبو موسى وأبو هريرة وعبد الله بن عمر غير هذه. والله أعلم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية