الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب ، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا وكيع، حدثنا عبد الواحد بن أيمن .

                                        (ح) ، قال الإسماعيلي : وأخبرني الحسن هو ابن سفيان ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا المحاربي عبد الرحمن بن محمد، عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، قال: قلت لجابر بن عبد الله : حدثني بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرويه [ ص: 423 ] عنك، فقال جابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق نحفر فيه، فلبثنا ثلاثة أيام لا نطعم شيئا، ولا نقدر عليه، فعرضت في الخندق كدية، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذه كدية قد عرضت في الخندق، فرششنا عليها الماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبطنه معصوبة بحجر فأخذ المعول أو المسحاة، ثم سمى ثلاثا ثم ضرب، فعادت كثيبا أهيل، فلما رأيت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، ائذن لي، قال: فأذن لي، فجئت امرأتي فقلت: ثكلتك أمك، إني قد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا صبر عليه، فما عندك؟ قالت: عندي صاع من شعير وعناق.

                                        قال: فطحنا الشعير، وذبحنا العناق، وأصلحناها وجعلناها في البرمة، وعجنت الشعير، ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبثت ساعة، ثم استأذنته الثانية، فأذن لي، فجئت فإذا العجين قد أمكن؛ فأمرتها بالخبز، وجعلت القدر على الأثافي، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت: إن عندنا طعيما لنا، فإن رأيت أن تقوم معي أنت ورجل أو رجلان معك فعلت، فقال: "ما هو؟ وكم هو؟" قلت: صاع من شعير وعناق، قال: " ارجع إلى أهلك فقل لها: لا تنزع البرمة من الأثافي، ولا تخرج الخبز من التنور حتى آتي "، ثم قال للناس: "قوموا إلى بيت جابر" [ ص: 424 ] قال: فاستحيت حياء حتى لا يعلمه إلا الله، فقلت لامرأتي: ثكلتك أمك، وقد جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أجمعون، فقالت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سألك عن الطعام؟ قلت: نعم، قالت: الله ورسوله أعلم، قد أخبرته بما كان عندك؛ فذهب عني بعض ما كنت أجد، قلت: لقد صدقت.

                                        فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ثم قال لأصحابه: "لا تضاغطوا" ، ثم برك على التنور وعلى البرمة، فجعلنا نأخذ من التنور الخبز، ونأخذ اللحم من البرمة، فنثرد ونغرف ونقرب إليهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليجلس على الصحفة سبعة أو ثمانية" ، فلما أكلوا كشفنا التنور والبرمة، فإذا هما قد عادا إلى أملأ ما كانا، فنثرد ونغرف ونقرب إليهم، فلم نزل نفعل ذلك، كلما فتحنا التنور وكشفنا عن البرمة وجدناهما أملآ ما كانا، حتى شبع المسلمون منها وبقيت طائفة من الطعام، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الناس قد أصابتهم مخمصة، فكلوا وأطعموا" ، فلم نزل يومنا نأكل ونطعم.


                                        قال: وأخبرني أنهم كانوا ثمانمائة، أو ثلاثمائة رواه البخاري في الصحيح عن خلاد بن يحيى، عن عبد الواحد، إلا أنه لم يذكر العدد في آخره.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية