الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 145 ] باب وقوع الخبر بمكة، وقدوم عمير بن وهب على النبي صلى الله عليه وسلم وبعده قباث بن أشيم بالمدينة، وما في ذلك من دلائل النبوة

                                        حدثنا أبو عبد الله الحافظ، إملاء وقراءة قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال: أخبرنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: حدثني أبو رافع، قال: كنا آل العباس قد دخلنا الإسلام، وكنا نستخفي بإسلامنا، وكنت غلاما للعباس أنحت الأقداح، فلما سارت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، جعلنا نتوقع الأخبار، فقدم علينا الحيسمان الخزاعي بالخبر، فوجدنا في أنفسنا قوة، وسرنا ما جاءنا من الخبر من ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله إني لجالس في صفة زمزم أنحت أقداحا وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، وبلغنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل الخبيث أبو لهب بشر يجر رجليه، وقد كبته الله تعالى وأخزاه لما جاءه من الخبر، حتى جلس على طنب الحجرة وقال له الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث قد قدم واجتمع عليه الناس، فقال له أبو [ ص: 146 ] لهب: هلم إلي يا ابن أخي، فعندك لعمري الخبر، فجاء حتى جلس بين يديه فقال: يا ابن أخي، أخبرني خبر الناس، قال: نعم، والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يضعون السلاح منا حيث شاؤوا، ووالله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق؛ لا والله ما تليق شيئا - يقول: ما تبقي شيئا - قال: فرفعت طنب الحجرة فقلت: تلك والله الملائكة، قال: فيرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة منكرة، وثاورته، وكنت رجلا ضعيفا، فاحتملني فضرب بي الأرض، وبرك على صدري يضربني، وتقوم أم الفضل إلى عامود من عمد الحجرة فتأخذه وتقول: استضعفته أن غاب عنه سيده، وتضربه بالعمود على رأسه فتفلقه شجة منكرة، فقام يجر رجليه ذليلا، ورماه الله بعدسة، فوالله ما مكث إلا سبعا حتى مات فلقد تركه ابناه في بيته ثلاثا ما يدفناه حتى أنتن، وكانت قريش تتقي هذه العدسة كما تتقي الطاعون، حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما ألا تستحيان، إن أباكما قد أنتن في بيته لا تدفنانه، فقالا: إنما نخشى عدوى هذه القرحة، فقال: انطلقا فأنا أعينكما عليه، فوالله ما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد، ما يدنون منه، ثم احتملوا إلى أعلى مكة فأسندوه إلى جدار ثم رضموا عليه الحجارة.

                                        وعن ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، عن عائشة "أنها كانت لا تمر على مكان أبي لهب هذا إلا استترت بثوبها حتى تجوزه".

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية