الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 354 ] باب غزوة بني النضير وإخبار الله عز وجل ثناؤه رسوله صلى الله عليه وسلم بما أراد به بنو النضير من المكر، وكان الزهري رحمه الله يذهب إلى أنها كانت قبل أحد، وذهب آخرون إلى أنها كانت بعده وبعد بئر معونة، وقد مضت الأخبار في ذلك فيما تقدم

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال: حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق، قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فيما حدثني يزيد بن رومان، وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في الدية، قالوا: نعم يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد، فقالوا: من رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك منهم عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما [ ص: 355 ] قال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فيهم: أبو بكر، وعمر، وعلي رضي الله عنهم.

                                        فأتاه الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وقال لأصحابه: "لا تبرحوا" ، فخرج راجعا إلى المدينة، فلما استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة، فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما أرادت يهود من الغدر، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحربهم والسير إليهم، فسار بالناس حتى نزل بهم، فتحصنوا منه في الحصون، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل والتحريق فيها، فنادوه: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من صنعه، فما بالك تقطع النخل وتحرقه ".

                                        وعن ابن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: لما تحصن بنو النضير من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقطع نخلهم وتحريقه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت ترضى الفساد، فأنزل الله عز وجل في ذلك أنه ليس بفساد، قال الله عز وجل: ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ، وليس بفساد ".

                                        وعن ابن إسحاق، قال: حدثنا أبو سعد شرحبيل بن سعد قال: والله رأيت بعض نخل بني النضير وإن الحريق لفيه ".

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية