الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي الدارمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا عمرو بن زرارة، قال: حدثنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق ، قال: حدثني ثور بن يزيد ، عن عكرمة، مولى ابن عباس، عن ابن عباس، وعبد الله بن أبي بكر أيضا، قال: حدثني ذلك، قال: قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة: سمعت القوم، وأبو جهل في مثل الحرجة، وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه، فلما سمعتها جعلته من شأني، فعمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه، فوالله ما أشبهها حين طاحت إلا [ ص: 85 ] النوى يطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها، قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي، فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني القتال عنه، ولقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت، حتى طرحتها - قال: ثم عاش معاذ بعد ذلك حتى كان زمان عثمان - قال: ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ ابن عفراء، فضربه حتى أثبته وبه رمق، وقاتل معوذ حتى قتل رحمه الله، فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى، قال: وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني: " انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح بركبته، فإني ازدحمت أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلمان، فكنت أشف منه بيسير، فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش في إحداهما جحشا لم يزل أثره به بعد قال عبد الله بن مسعود : فوجدته بآخر رمق فعرفته، فوضعت رجلي على عنقه وقد كان ضبث بي مرة بمكة فآذاني؛ فقلت: هل أخزاك الله أي عدو الله؟ قال: وبماذا أخزاني عدا رجل قتلتموه؟ أخبرني لمن الدبرة؟ قلت [ ص: 86 ] : الله ورسوله أعلم - وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول: قال: لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا - قال: ثم احتززت رأسه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: هذا رأس عدو الله أبي جهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آلله الذي لا إله غيره؟" وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف بها، قال: قلت: نعم، والله الذي لا إله غيره، ثم ألقيت رأسه بين يديه، فحمد الله.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية