الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال: حدثنا يونس، عن ابن إسحاق، قال: وذكر الزهري قال: كان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كعب بن مالك أخو بني سلمة، قال: قد عرفت عينيه الشريفتين تزهران من تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إلي أن أنصت، فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا، ونهض معهم نحو الشعب، معه علي بن أبي طالب ، وأبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وطلحة، والزبير، والحارث بن الصمة، في نفر من المسلمين.

                                        فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول: يا محمد، لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليك رجل منا؟ فقال: دعوه، فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فقال بعض القوم - كما ذكر لي - : فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة [ ص: 238 ] تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا.

                                        قال ابن إسحاق: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب معه أولئك النفر من أصحابه إذا علت عالية من قريش الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا" ، فقاتلهم عمر بن الخطاب ورهط من المهاجرين حتى أهبطوهم عن الجبل، ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها ".

                                        قال ابن إسحاق: فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، عن جده، عن الزبير قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظاهر بين درعين يومئذ، فلم يستطع أن ينهض إليها، فجلس طلحة بن عبيد الله تحته، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوى عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوجب طلحة" .

                                        قال ابن إسحاق: وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه لواؤه حتى قتل، وكان الذي قتله ابن قمئة الليثي، وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى قريش فقال: قتلت محمدا.

                                        فلما قتل مصعب أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب .

                                        قال ابن إسحاق: وقد قتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة، وهو يحمل لواء قريش، والحكم بن الأخنس بن شريق، وعبد الله بن حميد بن زهير، وأبا أمية بن أبي حذيفة بن أبي المغيرة، وأخذ اللواء بعد طلحة أبو [ ص: 239 ] سعد بن أبي طلحة، فقال سعد بن أبي وقاص : رميته فأصبت حنجرته، فاندلع لسانه اندلاع لسان الكلب ".

                                        قال ابن إسحاق: فحدثني صالح بن كيسان، عن بعض آل سعد، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه رمى يوم أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال سعد: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولني النبل ويقول: "ارم فدا لك أبي وأمي" ، حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل فأرمي به ".

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية