الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ، ببغداد قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر ، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق الناس في العضاة يستظلون تحتها، وعلق النبي صلى الله عليه وسلم سلاحه بشجرة، فجاء أعرابي فاستل السيف ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يحول بيني وبينك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله" ، من يهزمك مني؟ حتى قالها ثلاثا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الله" .

                                        قال: فشام الأعرابي السيف وجاء فجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه "
                                        قال: وكان قتادة يذكر نحو هذا، ويذكر أن قوما من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوا هذا الأعرابي، ويتلو: اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم الآية " رواه البخاري في الصحيح عن محمود.

                                        رواه مسلم عن عبد الحميد، كلاهما عن عبد الرزاق، دون قول قتادة .

                                        [ ص: 375 ] قال البخاري : وقال أبان: حدثنا يحيى بن أبي كثير، فذكر الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي ، قال: حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبان، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع، قال: كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة، فأخذ سيف نبي الله صلى الله عليه وسلم فاخترطه فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتخافني؟ قال: "لا" ، قال: فمن يمنعك مني؟ قال: "الله يمنعني منك" ، قال: فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغمد السيف وعلقه، قال: فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان " رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة قال البخاري : قال مسدد، عن أبي عوانة، عن أبي بشر: اسم الرجل غورث بن الحارث، وقاتل فيها محارب خصفة.

                                        أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب، قال: حدثنا محمد بن معاذ، قال: حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل عارم (ح) وأخبرنا أبو عمرو الأديب، قال: أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، قال: أخبرنا محمد بن يحيى المروزي، قال: حدثنا عاصم هو ابن علي، قالا: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر، قال: قاتل [ ص: 376 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل، فرأوا من المسلمين غرة، فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث، حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ قال: "الله" ، قال: فسقط السيف من يده، قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فقال: "من يمنعك مني؟" قال: كن خير آخذ، قال: "تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟" قال: لا، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فأتى أصحابه وقال: جئتكم من عند خير الناس، ثم ذكر صلاة الخوف، وأنه صلى أربع ركعات لكل طائفة ركعتين، هذا لفظ حديث عاصم.

                                        وفي رواية عارم، قال الأعرابي: أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال: فخلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني عنه - فجاء إلى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس، فلما حضرت الصلاة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فكان الناس طائفتين: طائفة بإزاء عدوهم، وطائفة تصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فصلى بالطائفة الذين معه ركعتين، ثم انصرفوا فكانوا مع أولئك الذين بإزاء عدوهم، وجاء أولئك فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكانت للناس ركعتين ركعتين وللنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات ".


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية