الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 319 ] باب سرية أبي سلمة بن عبد الأسد إلى قطن

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو عبد الله الأصبهاني، قال : [ ص: 320 ] حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد اليربوعي، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة، من ولد أبي سلمة بن عبد الأسد، وغيره.

                                        أيضا قال: حدثني من حديث هذه السرية، قالوا: شهد أبو سلمة بن عبد الأسد أحدا، وكان نازلا في بني أمية بن زيد بالعالية حين تحول من قباء، ومعه زوجته أم سلمة بنت أبي أمية، فجرح بأحد جرحا على عضده، فرجع إلى منزله فقام شهرا يداوى حتى رأى أن قد برأ، فلما كان هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " اخرج في هذه السرية فقد استعملتك عليها، وعقد له لواء وقال: " سر حتى ترد أرض بني أسد، فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك جموعهم، وأوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، وخرج معه في تلك السرية خمسون ومائة.

                                        والذي هاجه أن رجلا من طيئ قدم المدينة يريد امرأة ذات رحم به من طيئ متزوجة رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل على صهره الذي هو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في [ ص: 321 ] قومهما فيمن أطاعهما بدعوتهما إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة، فخرج في أصحابه وخرج معهم الطائي دليلا، وسبقوا الأخبار وانتهوا إلى أدنى قطن ماء من مياه بني أسد فوجدوا سرحا، فأغاروا على سرحهم فضموه وأخذوا مماليك ثلاثة وأفلت سائرهم، فجاء جمعهم فخبروهم الخبر، وحذروهم جمع أبي سلمة، فتفرق الجمع في كل وجه، وورد أبو سلمة الماء فيجد الجمع قد تفرق، فعسكر وفرق أصحابه في طلب النعم والشاء، فأصابوا نعما وشاء ولم يلقوا أحدا، فانحدر أبو سلمة بذلك [ ص: 322 ] كله راجعا إلى المدينة، ورجع معه الطائي، فلما ساروا ليلة قال أبو سلمة : اقسموا غنائمكم، فأعطى أبو سلمة الطائي الدليل رضاه من الغنم، ثم أخرج صفيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا، ثم أخرج الخمس، ثم قسم ما بقي بين أصحابه، ثم أقبلوا حتى دخلوا المدينة ".

                                        قال عمر بن عثمان : فحدثني عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، عن عمر بن أبي سلمة قال: كان الذي جرح أبي أبا سلمة أبو أسامة الجشمي، فمكث شهرا يداويه، فبرأ فيما نرى وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا إلى قطن، فغاب بضع عشرة، فلما دخل المدينة انتقض به جرحه، فمات لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة.

                                        قال عمر بن أبي سلمة : واعتدت أمي حتى حلت أربعة أشهر وعشرا، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها في ليال بقين من شوال، فكانت أمي تقول: ما بأس بالنكاح في شوال والدخول فيه: قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وأعرس بي في شوال، قال: وماتت أم سلمة في ذي القعدة سنة تسع وخمسين ".

                                        قلت: وقد قيل ماتت بعد ذلك سنة إحدى وستين، والله أعلم.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية