الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال: أخبرني الهيثم الدوري، وحدثنا المنيعي، قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد .

                                        (ح) [ ص: 324 ] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد البيهقي ، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله المديني، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عمرو بن أسيد بن جارية الثقفي حليف لبني زهرة وكان من أصحاب أبي هريرة أن أبا هريرة ، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، فقالوا: نوى يثرب، فاتبعوا آثارهم، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع، فأحاط بهم القوم فقالوا لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم بن ثابت، وهو أمير القوم: أما أنا فوالله لا أنزل في ذمة مشرك، اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة من أصحابه، ونزل إليهم ثلاثة على العهد والميثاق، منهم: خبيب، وزيد بن الدثنة، ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم، فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبا، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرا، حتى أجمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها للقتل فأعارته [ ص: 325 ] ، فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، فقالت: والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يأكل قطفا من عنب، وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمرة، فكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحد قال لهم خبيب: دعوني أركع ركعتين فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزعا من القتل لزدت، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا:


                                        فلست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان والله مصرعي     وذلك في ذات الإله وإن يشأ
                                        يبارك في أوصال شلو ممزع

                                        ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة، واستجاب الله لعاصم يوم أصيب، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل، ليؤتوا منه بشيء يعرف، وكان قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عز وجل على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا منه شيئا.


                                        رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل ، عن إبراهيم بن سعد .

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية