الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، عن أخيه عبيد الله بن عمر ، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة وطائفة خلفه وطائفة مواجهة العدو، فصلى بالطائفة التي خلفه ركعة وسجدتين، ثم ثبت قائما، فصلوا خلفه ركعة وسجدتين ثم سلموا، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين، والطائفة الأولى مقبلة على العدو، فلما صلى بهم ركعة لبث جالسا حتى أتموا لأنفسهم ركعة وسجدتين ثم سلموا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب في محالهم نسوة، وكان في السبي جارية وضيئة وكان زوجها يحبها، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة حلف زوجها ليطلبن محمدا، أو لا يرجع إلى قومه حتى يصيب محمدا، أو يهرق فيهم دما، أو يخلص صاحبته، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره عشية ذات ريح فنزل في شعب استقبله فقال: "من رجل يكلؤنا الليلة؟" فقام رجلان: عمار بن ياسر، وعباد بن بشر، فقالا: نحن يا رسول الله نكلؤك، وجعلت الريح لا تسكن، وجلس الرجلان على فم الشعب، فقال أحدهما لصاحبه: أي الليل أحب إليك أن أكفيك أوله أو آخره؟ قال: اكفني أوله، فنام عمار بن ياسر، وقام عباد يصلي، وأقبل عدو الله يطلب غرة، وقد سكنت الريح، فلما رأى سواده من قريب قال: يعلم الله أن هذا لربئة القوم، فعرق له سهما فوضعه فيه فانتزعه، ثم رماه آخر فانتزعه، ثم رماه الثالثة فوضعه به، فلما [ ص: 379 ] غلبه الدم ركع وسجد ثم قال لصاحبه: اجلس فقد أتيت، فجلس عمار بن ياسر، فلما رأى الأعرابي أن عمارا قد قام علم أنهم قد نذروا به فهرب، فقال عمار: يا أخي ما منعك أن توقظني به في أول سهم رماك به؟ قال: كنت في سورة أقرؤها، وهي الكهف، وكرهت أن أقطعها حتى أفرغ منها، فلولا أني خشيت أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه ما انصرفت ولو أتي على نفسي، قال: ويقال الأنصاري عمارة بن حزم ".

                                        قال الواقدي : وأثبتها عندنا عباد بن بشر، قال جابر: نقول: إنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فأقبل أبواه أو أحدهما حتى طرح نفسه في يدي الذي أخذ فرخه، فرأيت أن الناس عجبوا من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون من هذا الطائر، أخذتم فرخه فطرح نفسه رحمة لفرخه، والله لربكم أرحم بكم من هذا الطائر بفرخه" وقد ذكر محمد بن إسحاق قصة هذا الرجل عن صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن جابر بن عبد الله ، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، فأصاب امرأة رجل من المشركين، فلما انصرف قافلا، فذكره غير أنه لم يسم الرجلين اللذين قاما بالحرس، وقد مضى ذكره في كتاب السنن.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية