الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال: حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، قال: قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قالا: كان عبد الرحمن بن عوف يقول: كان أمية بن خلف صديقا لي بمكة، وكان اسمي: عبد عمرو، فلما أسلمت تسميت عبد الرحمن، فلقيني فقال: أيا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سماكه أبوك؟ فأقول: نعم، هداني الله للإسلام، فتسميت عبد الرحمن، قال: إني لا أعرف الرحمن، أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك باسمك الآخر، فاجعل بيني وبينك شيئا إذا دعوتك به أجبتني، فقلت: يا أبا علي، فقل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله؟ قلت: نعم، أنا عبد الإله.

                                        فكان إذا لقيني قال: يا عبد الإله.

                                        فلما كان يوم بدر وهزم الناس استلبت أدراعا فمررت بهن أحملهن، فرآني أمية، وهو قائم مع ابنه علي آخذ بيده، فقال: يا عبد عمرو، فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله، فقلت: نعم، فقال: هل لك في وفي ابني، فنحن خير لك من هذه الأدراع التي تحمل، فقلت: نعم، هيم الله إذا، فألقيت الأدراع، وأخذت بيده ويد ابنه فجعل يقول: ما رأيت كاليوم قط.

                                        أما لكم حاجة في اللبن؟ يقول في الفداء، قال: فوالله إني لأمشي معهما إذ رآهما معي بلال، فقال: رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا، فقلت: أي بلال، أبأسيري؟ فقال: لا نجوت إن نجا، فقلت: هل تسمع يا ابن السوداء؟ فقال: لا نجوت إن نجا، ثم [ ص: 92 ] صرخ بأعلى صوته: يا معشر الأنصار، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة وجعلت أذب عنهما وأقول: أسيري، إذ خلف رجل السيف فضرب رجلي أمية، ضربهما فطرحهما، فصاح أمية صيحة والله ما سمعت صيحة مثلها، فقلت: انج بنفسك، فوالله ما أغني عنك شيئا، ولا نجاء به، فهبروهما والله بأسيافهم حتى فرغوا منه، فكان عبد الرحمن يقول: يرحم الله بلالا ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري ".


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية