الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 62 ] باب كيف كان بدء القتال وتهييج الحرب يوم بدر

                                        أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، قال: أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن علي رضي الله عنه قال: لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها وأصابنا بها وعك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخبر عن بدر، فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا، سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر - وبدر بئر - فسبقنا المشركين إليها فوجدنا فيها رجلين، رجلا من قريش، ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القرشي فانفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذا قال لهم ذلك ضربوه، حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: "كم القوم؟" قال: هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر بكم هي، فأبى ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله: "كم ينحرون من الجزور؟" فقال: عشرة كل [ ص: 63 ] يوم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "القوم ألف، كل جزور لمائة وتبعها" ، ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر، فانطلقنا تحت الشجرة والجحف نستظل بها من المطر، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول: "اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" ، فلما طلع الفجر نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة جامعة" ، فجاء الناس من تحت الشجر والجحف، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحض على القتال، ثم قال: "إن جمع قريش عند هذه الضلع الحمراء من الجبل" ، فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم يسير في القوم على جمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي، ناد لي حمزة، وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الأحمر وماذا يقول لهم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يك في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر" ، فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال، ويقول لهم: يا قوم، إني أرى أقواما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم، اعصبوها اليوم برأسي وقولوا: جبن عتبة، وقد تعلمون أني لست بأجبنكم.

                                        فسمع ذلك أبو جهل فقال: أنت تقول هذا، والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته، قد ملئت جوفك رعبا، فقال عتبة: إياي تعني يا مصفر استه، ستعلم اليوم أينا أجبن، فبرز عتبة وأخوه وابنه الوليد حمية، فقال: من يبارز؟ فخرج من الأنصار شيبة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة بن الحارث، فقتل الله عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة بن [ ص: 64 ] الحارث، فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين، فجاء رجل من الأنصار قصير برجل من بني هاشم أسيرا، فقال الرجل: يا رسول الله، إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها، على فرس أبلق، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسكت، فقد أيدك الله عز وجل بملك كريم" قال علي رضي الله عنه: فأسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيل ونوفل بن الحارث.


                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية