الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال: أخبرني أبو الحسين أحمد بن محمد بن معاوية الكاغذي بالري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي الثلج، قال: حدثنا حجين بن المثنى، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن سليمان بن يسار ، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار إلى الشام، فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله: هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة؟ قلت: نعم، وكان وحشي يسكن حمص، قال: فسألنا عنه فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره كأنه حيث كذا، قال الرازي: وإنما هو عندي كأنه حميت، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه يسيرا، فسلمنا، فرد علينا السلام، قال: وكان عبيد الله معتجرا بعمامته، ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه، فقال عبيد الله: يا وحشي، تعرفني؟ فنظر إليه فقال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها: أم قتال بنت أبي العيص، فولدت غلاما بمكة فاسترضعته، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، لكأني نظرت إلى قدميك، قال: فكشف عبيد الله عن وجهه ثم [ ص: 242 ] قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم : إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر، قال: فلما خرج الناس عن عينين، قال: وعينين جبل تحت أحد بينه وبينه واد، قال: فخرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع فقال: هل من مبارز؟ فخرج إليه حمزة فقال: يا سباع يا ابن مقطعة البظور، تحاد الله ورسوله، ثم شد عليه، فكان كأمس الذاهب.

                                        قال: فكمنت لحمزة تحت صخرة حتى مر علي، فلما دنا مني رميته بحربتي فوقعت ثنته، حتى خرجت من وركه، قال: فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، قال: وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلا وقيل له: إنه لا يهيج الرسل، قال: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قال: "أنت وحشي؟" قلت: نعم، قال: "الذي قتلت حمزة؟" قلت: وقد كان الأمر الذي بلغك، قال: "ما تستطيع أن تغيب عني وجهك؟" قال: فرجعت، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج مسيلمة الكذاب قلت: لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس وكان من أمرهم ما كان، فإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر رأسه، قال: فأرميه بحربتي فأضعها بين ثدييه، حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب - أو قال: ودف - إليه رجل من الأنصار، فضربه بالسيف على هامته.

                                        قال عبد الله بن الفضل: وأخبرني سليمان بن يسار ، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: فقالت جارية على ظهر بيت: واأمير المؤمنين، قتله العبد الأسود.

                                        قال حجين: فلا أعلم إلا أني قد سمعت عبد العزيز يقول: وكان سعيد [ ص: 243 ] يقول: فكنت أعجب لقاتل حمزة كيف ينجو، حتى بلغني أنه مات غريقا في البحر " رواه البخاري في الصحيح عن أبي جعفر محمد بن عبد الله ، دون قول حجين في آخره.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية