فقيل له بمكة: يا كعب، أديننا خير أم دين محمد وأصحابه؟ قال: دينكم خير وأقدم، دين محمد حديث، ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ، ثم فنزلت فيه: المدينة معلنا بمعاداة النبي صلى الله عليه وسلم، وبهجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أول ما خرج منه قوله: قدم كعب بن الأشرف
أذاهب أنت لم تحلل بمنقبة وتارك أنت أم الفضل بالحرم صفراء رادعة لو تعصر اعتصرت
من ذي القوارير والحناء والكتم إحدى بني عامر هام الفؤاد بها
ولو تشاء شفت كعبا من السقم لم أر شمسا قبلها طلعت
حتى تبدت لنا في ليلة الظلم
طحنت رحا بدر لمهلك أهله ولمثل بدر يستهل ويقلع
فخرج محمد بعد يوم أو يومين حتى أتى كعبا وهو في حائط، فقال: يا كعب، جئت لحاجة؛ وذكر الحديث في قتله وذلك موجود فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس عثمان بن سعيد ، قال: حدثني قال: حدثنا علي بن المديني، سفيان، قال: قال عمرو بن دينار : سمعت ، يقول: جابر بن عبد الله . "من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله"
فقام فقال: يا رسول الله، أعجب إليك أن أقتله؟ قال: "نعم" ، قال: فأذن لي أن أقول شيئا، قال: "قل" فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك، قال: وأيضا لتملنه، قال: إنا قد اتبعناه، فنكره أن ندعه حتى ننظر أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا، قال: ارهنوني نساءكم، قال: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم، قال: كيف نرهنك أبناءنا فيقال: رهن بوسق أو وسقين، قال: فأي [ ص: 196 ] شيء؟ قالوا: نرهنك اللأمة، قال سفيان: يعني السلاح، قال: فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعب من الرضاعة، فدعاه من الحصن فنزل إليهم، فقالت امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ قال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة. محمد بن مسلمة
قال: إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه ثم أشمكم، فإذا رأيتموني أثبت يدي فدونكم قال: فنزل إليهم متوشحا وهو ينفج منه ريح الطيب فقال: ما رأيت كاليوم ريحا، أي أطيب، أتأذن لي أن أشم رأسك، قال: نعم، فشمه ثم شم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم فلما استمكن منه قال: دونكم، فضربوه فقتلوه، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه رواه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البخاري في الصحيح عن وزاد قال: إنما هو أخي علي بن المديني، ورضيعي محمد بن مسلمة، أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب.
وهو في الإسناد الأول: لو أن الفتى دعي لطعنة أجاب.