وقد تبطنت بهلواعة عبر أسفار كتوم البغام
[ ص: 208 ] والمعبر : شط نهر هيئ للعبور . والمعبر : سفينة يعبر عليها النهر . ورجل عابر سبيل ، أي مار . قال الله - تعالى - : ولا جنبا إلا عابري سبيل ، ومن الباب العبرة ، قال الخليل : عبرة الدمع : جريه . قال : والدمع أيضا نفسه عبرة . قال امرؤ القيس :
وإن شفائي عبرة إن سفحتها فهل عند رسم دارس من معول
وقولهم : عبر فلان يعبر عبرا من الحزن ، وهو عبران ، والمرأة عبرى وعبرة ، فهذا لا يكون إلا وثم بكاء . ويقال : استعبر ، إذا جرت عبرته . ويقال من هذا : امرأة عابر ، أي بها العبر . وقال :
يقول لي الجرمي هل أنت مردفي وكيف رداف الفل أمك عابر
فهذا الأصل الذي ذكرناه . ثم يقال لضرب من السدر عبري ، وإنما يكون كذلك إذا نبت على شطوط الأنهار . والشط يعبر ويعبر إليه . قال العجاج :
[ ص: 209 ]
لاث بها الأشاء والعبري
الأشاء : الفسيل ، الواحدة أشاءة وقد ذكرناه . ويقال إن العبري لا يكون إلا طويلا ، وما كان أصغر منه فهو الضال . قال : ذو الرمة
قطعت إذا تجوفت العواطي ضروب السدر عبريا وضالا
ومن الباب : عبر الرؤيا يعبرها عبرا وعبارة ، ويعبرها تعبيرا ، إذا فسرها . ووجه القياس في هذا عبور النهر; لأنه يصير من عبر إلى عبر . كذلك مفسر الرؤيا يأخذ بها من وجه إلى وجه ، كأن يسأل عن الماء ، فيقول : حياة . ألا تراه قد عبر في هذا من شيء إلى شيء .
ومما حمل على هذه : العبارة ، قال الخليل : تقول : عبرت عن فلان تعبيرا ، إذا عي بحجته فتكلمت بها عنه . وهذا قياس ما ذكرناه; لأنه لم يقدر على النفوذ في كلامه فنفذ الآخر بها عنه .
فأما الاعتبار والعبرة فعندنا مقيسان من عبري النهر; لأن كل واحد منهما [ ص: 210 ] عبر مساو لصاحبه فذاك عبر لهذا ، وهذا عبر لذاك . فإذا قلت اعتبرت الشيء ، فكأنك نظرت إلى الشيء فجعلت ما يعنيك عبرا لذاك : فتساويا عندك . هذا عندنا اشتقاق الاعتبار . قال الله - تعالى : فاعتبروا ياأولي الأبصار ، كأنه قال : انظروا إلى من فعل ما فعل فعوقب بما عوقب به ، فتجنبوا مثل صنيعهم لئلا ينزل بكم مثل ما نزل بأولئك . ومن الدليل على صحة هذا القياس الذي ذكرناه ، قول الخليل : عبرت الدنانير تعبيرا ، إذا وزنتها دينارا [ دينارا ] . قال : والعبرة : الاعتبار بما مضى .
ومما شذ عن الأصل : المعبر من الجمال : الكثير الوبر . والمعبر من الغلمان : الذي لم يختن . وما أدري ما وجه القياس في هذا . وقال في المعبر الذي لم يختن بشر بن [ أبي ] خازم :
وارم العفل معبر
ومن هذا الشاذ : العبير ، قال قوم : هو الزعفران . وقال قوم : هي أخلاط طيب . وقال الأعشى :
وتبرد برد رداء العروس بالصيف رقرقت فيه العبيرا