الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عشر ) العين والشين والراء أصلان صحيحان : أحدهما في عدد معلوم ثم يحمل عليه غيره ، والآخر يدل على مداخلة ومخالطة .

                                                          فالأول العشرة ، والعشر في المؤنث . وتقول : عشرت القوم أعشرهم ، إذا صرت عاشرهم . وكنت عاشر عشرة ، أي كانوا تسعة فتموا بي عشرة رجال . وعشرت القوم ، إذا أخذت عشر أموالهم . ويقال أيضا : عشرتهم أعشرهم تعشيرا . وبه سمي العشار عشارا . والعشر : جزء من الأجزاء العشرة ، وهو العشير والمعشار . فأما العشر فيقال : هو ورد الإبل يوم العاشر . وإبل عواشر : وردت الماء عشرا . ويجمع ويثنى فيقال عشران وعشرون ، فكل عشر من ذلك تسعة أيام . وقال ذو الرمة :


                                                          أقمت لها أعناق هيم كأنها قطا نش عنها ذو جلاميد خامس



                                                          يعني بالخامس : القطا التي وردت الماء خمسا .

                                                          قال الخليل : تقول : جاء القوم عشار عشار ، ومعشر معشر ، أي عشرة عشرة ، كما تقول : جاءوا أحاد أحاد ، ومثنى مثنى . ولم يذكر الخليل موحد موحد ، وهو صحيح . فأما تعشير الحمار فلسنا نقول فيه إلا الذي قالوه ، وهو في قياسنا صحيح إن كان حقا ما يقال . قال الخليل : المعشر : الحمار الشديد [ ص: 325 ] النهيق . قال : ويقال نعت بذلك لأنه لا يكف حتى تبلغ [ عشر ] نهقات وترجيعات . قال :


                                                          لعمري لئن عشرت من خشية الردى     نهاق الحمار إنني لجزوع



                                                          قال : وناقة عشراء ، وهي التي أقربت ، سميت عشراء لتمام عشرة أشهر لحملها . يقال : عشرت الناقة تعشر تعشيرا ، وهي عشراء حتى تلد ، والعدد العشراوات ، والجمع عشار . ويقال : بل يقع اسم العشار على النوق التي نتج بعضها وبعضها قد أقرب ينتظر نتاجها . وقال :


                                                          يا عام إن لقاحها وعشارها     أودى بها شخت الجزارة معلم



                                                          وقال الفرزدق :


                                                          كم عمة لك يا جرير وخالة     فدعاء قد حلبت علي عشاري



                                                          وقال : وليس للعشار لبن ، وإنما سماها عشارا لأنها حديثة العهد ، وهي مطافيل قد وضعت أولادها . والعشر : القطعة تنكسر من القدح أو البرمة ونحوها . وقال :


                                                          كما يضم المشعب الأعشارا



                                                          [ ص: 326 ] هذا قد حكي . فأما الخليل فقد حكى وقال : لا يكادون يفردون العشر . وذكر أن قولهم قدور أعشار وأعاشير ، إنما معناه أنها مكسرة على عشر قطع ، وقال امرؤ القيس :


                                                          وما ذرفت عيناك إلا لتضربي     بسهميك في أعشار قلب مقتل



                                                          وذكر الخليل أيضا أنه يقال لجفن السيف إذا كان مكسرا أعشار . وأنشد :


                                                          وقد يقطع السيف اليماني وجفنه     شباريق أعشار عثمن على كسر



                                                          قال : والعشاري : ما بلغ طوله عشر أذرع . وعاشوراء : اليوم العاشر من المحرم .

                                                          فأما الأصل الآخر الدال على المخالطة والمداخلة فالعشرة والمعاشرة . وعشيرك : الذي يعاشرك . قال : ولم أسمع للعشير جمعا ، لا يكادون يقولون هم عشراؤك ، وإذا جمعوا قالوا : هم معاشروك . قال : وإنما سميت عشيرة الرجل لمعاشرة بعضهم بعضا ، حتى الزوج عشير امرأته . وجاء في الحديث في ذكر النساء : إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير . ويقال عاشره معاشرة جميلة . وقال زهير :


                                                          لعمرك والخطوب مغيرات     وفي طول المعاشرة التقالي



                                                          [ ص: 327 ] قال : والمعشر : كل جماعة أمرهم واحد ، نحو معشر المسلمين ، والإنس معشر والجن معشر ، والجمع معاشر . والعشر : نبت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية