الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرش ) العين والراء والشين أصل صحيح واحد ، يدل على ارتفاع في شيء مبني ، ثم يستعار في غير ذلك . من ذلك العرش ، قال الخليل : العرش : سرير الملك . وهذا صحيح ، قال الله - تعالى - : ورفع أبويه على العرش ، [ ص: 265 ] ثم استعير ذلك فقيل لأمر الرجل وقوامه : عرش . وإذا زال ذلك عنه قيل : ثل عرشه . قال زهير :


                                                          تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها وذبيان إذ زلت بأقدامها النعل



                                                          ومن الباب : تعريش الكرم ، لأنه رفعه والتوثق منه . والعريش : بناء من قضبان يرفع ويوثق حتى يظلل . وقيل للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم بدر : " ألا نبني لك عريشا " . وكل بناء يستظل به عرش وعريش . ويقال لسقف البيت عرش . قال الله - تعالى - : فهي خاوية على عروشها ، والمعنى أن السقف يسقط ثم يتهافت عليه الجدران ساقطة . ومن الباب العريش ، وهو شبه الهودج يتخذ للمرأة تقعد فيه على بعيرها . قال رؤبة يصف الكبر :


                                                          إما تري دهرا حناني حفضا     أطر الصناعين العريش القعضا



                                                          ومما جاء في العريش أيضا قول الخنساء :


                                                          كان أبو حسان عرشا خوى     مما بناه الدهر دان ظليل

                                                          فأما قول الطرماح :


                                                          قليلا تتلي حاجة ثم عوليت     على كل معروش الحصيرين بادن



                                                          فقال قوم : أراد العريش ، وهو الهودج . وحصيراه : جنباه .

                                                          [ ص: 266 ] ويقال : المعروش : الجمل الشديد الجنبين .

                                                          ومن الباب : عرشت الكرم وعرشته . يقال : اعترش العنب ، إذا علا على العرش . ويقال : العروش : الخيام من خشب ، واحدها عريش . وقال :


                                                          كوانسا في العرش الدوامج



                                                          الدوامج : الدواخل .

                                                          ومن الباب : عرش البئر : طيها بالخشب . قال بعضهم : تكون البئر رخوة الأسفل والأعلى فلا تمسك الطي لأنها رملة ، فيعرش أعلاها بالخشب ، يوضع بعضه على بعض ، ثم يقوم السقاة عليه فيستقون . وأنشد :


                                                          وما لمثابات العروش بقية     إذا استل من تحت العروش الدعائم



                                                          المثابة : أعلى البئر حيث يقوم الساقي . وقال بعضهم : العرش الذي يكون على فم البئر يقوم عليه الساقي . قالالشماخ :


                                                          ولما رأيت الأمر عرش هوية     تسليت حاجات الفؤاد بشمرا



                                                          الهوية : الموضع الذي يهوي من يقوم عليه ، أي يسقط . وقال الخليل : وإذا حمل الحمار على العانة رافعا رأسه شاحيا فاه قيل : عرش بعانته تعريشا . وهذا من قياس الباب ، لرفعه رأسه .

                                                          [ ص: 267 ] ومن الباب العرش : عرش العنق ، عرشان بينهما الفقار ، وفيهما الأخدعان ، وهما لحمتان مستطيلتان عداء العنق ، أي ناحية العنق . قال ذو الرمة :


                                                          وعبد يغوث تحجل الطير حوله     قد احتز عرشيه الحسام المذكر



                                                          وزعم ناس أنهما عرشان بفتح العين . والعرش في القدم . ما بين العير والأصابع من ظهر القدم ، والجمع عرشة . وقد قيل في العرشين أقوال متقاربة كرهنا الإطالة بذكرها . ويقال إن عرش السماك : أربعة كواكب أسفل من العواء ، على صورة النعش . ويقال هي عجز الأسد . قال ابن أحمر :


                                                          باتت عليه ليلة عرشية     شريت وبات إلى نقا متهدد

                                                          يصف ثورا . وقوله : " شريت " أي ألحت بالمطر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية