الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عصوى ) العين والصاد والحرف المعتل أصلان صحيحان ، إلا أنهما متباينان يدل أحدهما على التجمع ، ويدل الآخر على الفرقة .

                                                          فالأول العصا ، سميت بذلك لاشتمال يد ممسكها عليها ، ثم قيس ذلك فقيل للجماعة عصا . يقال : العصا : جماعة الإسلام ، فمن خالفهم فقد شق عصا المسلمين . وإذا فعل ذلك فقتل قيل له : هو قتيل العصا ، ولا عقل له ولا قود فيه . ويقولون : هذه عصا ، وعصوان ، وثلاث أعص . والجمع من غير عدد عصي وعصي . ويقيسون على العصا فيقولون : عصيت بالسيف . وقال جرير :

                                                          [ ص: 335 ]

                                                          تصف السيوف وغيركم يعصى بها يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل



                                                          وقال آخر :


                                                          وإن المشرفية قد علمتم     إذا يعصى بها النفر الكرام



                                                          وقال في تثنية العصا :


                                                          فجاءت بنسج العنكبوت كأنه     على عصويها سابري مشبرق



                                                          ومن الباب : عصوت الجرح أعصوه ، أي داويته . وهو القياس ، لأنه يتلأم أي يتجمع . وفي أمثالهم : " ألقى فلان عصاه " . وذلك إذا انتهى المسافر إلى عشب وأزمع المقام ألقى عصاه . قال :


                                                          فألقت عصاها واستقر بها النوى     كما قر عينا بالإياب المسافر



                                                          ومن الباب قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا ترفع عصاك عن أهلك ، لم يرد العصا التي يضرب بها ، ولا أمر أحدا بذلك ، ولكنه أراد الأدب .

                                                          قال أبو عبيد : وأصل العصا الاجتماع والائتلاف . وهذا يصحح ما قلناه في قياس هذا البناء .

                                                          والأصل الآخر : العصيان والمعصية . يقال : عصى ، وهو عاص ، والجمع عصاة وعاصون . والعاصي : الفصيل إذا عصى أمه في اتباعها .

                                                          [ ص: 336 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية