الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عجل ) العين والجيم واللام أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على الإسراع ، والآخر على بعض الحيوان .

                                                          فالأول : العجلة في الأمر ، يقال : هو عجل وعجل ، لغتان . قال ذو الرمة :


                                                          كأن رجليه رجلا مقطف عجل إذا تجاوب من برديه ترنيم



                                                          واستعجلت فلانا : حثثته . وعجلته : سبقته . قال الله - تعالى - : أعجلتم أمر ربكم . والعجالة : ما تعجل من شيء . ويقال : " عجالة الراكب تمر وسويق " . وذكر عن الخليل أن العجل : ما استعجل به طعام فقدم قبل إدراك الغذاء . وأنشد :

                                                          [ ص: 238 ]

                                                          إن لم تغثني أكن ياذا الندى عجلا     كلقمة وقعت في شدق غرثان



                                                          ونحن نقول : أما قياس الكلمة التي ذكرناها فصحيح ، لأن الكلمة لا أصل لها ، والبيت مصنوع .

                                                          ويقال : من العجالة : عجلت القوم ، كما يقال لهنتهم . وقال أهل اللغة : العاجل : ضد الآجل . ويقال للدنيا : العاجلة ، وللآخرة : الآجلة . والعجلان هو كعب بن ربيعة بن عامر ، قالوا : سمي العجلان باستعجاله عبده . وأنشدوا :


                                                          وما سمي العجلان إلا لقوله خذ     الصحن واحلب أيها العبد واعجل

                                                          وقالوا : إن المعجل والمعجل من النوق : التي تنتج قبل أن تستكمل الوقت فيعيش ولدها .

                                                          ومما حمل على هذا العجلة : عجلة الثيران . والعجلة : المنجنون التي يستقى عليها ، والجمع عجل وعجلات .

                                                          قال أبو عبيد : العجلة : خشبة معترضة على نعامتي البئر والغرب معلق بها ، والجمع عجل . قال أبو زيد : العجلة : المحالة . وأنشد :


                                                          وقد أعد ربها وما عقل     حمراء من ساج تتقاها العجل



                                                          ومن الباب : العجلة : الإداوة الصغيرة ، والجمع عجل . وقال الأعشى :

                                                          [ ص: 239 ]

                                                          والساحبات ذيول الخز آونة     والرافلات على أعجازها العجل

                                                          وإنما سميت بذلك لأنها خفيفة يعجل بها حاملها . وقال الخليل : العجول من الإبل ، الواله التي فقدت ولدها ، والجمع عجل . وأنشد :


                                                          أحن إليك حنين العجول     إذا ما الحمامة ناحت هديلا



                                                          وقالت الخنساء :


                                                          فما عجول على بو تطيف به     قد ساعدتها على التحنان أظآر

                                                          قالوا : وربما قيل للمرأة الثكلى عجول ، والجمع عجل . قال الأعشى :


                                                          حتى يظل عميد القوم مرتفقا     يدفع بالراح عنه نسوة عجل



                                                          ولم يفسروه بأكثر من هذا . قلنا : وتفسيره ما يلحق الواله عند ولهه من الاضطراب و العجلة ، إلا أن هذه العجول لم يبن منها فعل فيقال : عجلت ، كما بني من الثكل ثكلت ، والأصل فيه واحد ، إلا أنه لم يأت من العرب .

                                                          والأصل الآخر العجل : ولد البقرة; وفي لغة عجول ، والجمع عجاجيل ، والأنثى عجلة وعجولة ، وبذلك سمي الرجل عجلا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية