الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عجز ) العين والجيم والزاء أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على الضعف ، والآخر على مؤخر الشيء .

                                                          فالأول عجز عن الشيء يعجز عجزا ، فهو عاجز ، أي ضعيف . وقولهم إن العجز نقيض الحزم فمن هذا; لأنه يضعف رأيه . ويقولون : " المرء يعجز لا محالة " . ويقال : أعجزني فلان ، إذا عجزت عن طلبه وإدراكه . ولن يعجز الله - تعالى - شيء ، أي لا يعجز الله - تعالى - عنه متى شاء . وفي القرآن : لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ، وقال تعالى : وما أنتم بمعجزين في الأرض . ويقولون : عجز بفتح الجيم . وسمعت علي بن إبراهيم القطان يقول : سمعت ثعلبا يقول : سمعت ابن الأعرابي يقول : لا يقال عجز إلا إذا عظمت عجيزته .

                                                          ومن الباب : العجوز : المرأة الشيخة ، والجمع عجائز . والفعل عجزت تعجيزا . ويقال : فلان عاجز فلانا ، إذا ذهب فلم يوصل إليه . وقال تعالى : يسعون في آياتنا معاجزين . ويجمع العجوز على العجز أيضا ، وربما حملوا على هذا فسموا الخمر عجوزا ، وإنما سموها لقدمها ، كأنها امرأة عجوز . والعجزة وابن العجزة : آخر ولد الشيخ . وأنشد :

                                                          [ ص: 233 ]

                                                          عجزة شيخين يسمى معبدا

                                                          وأما الأصل الآخر فالعجز : مؤخر الشيء ، والجمع أعجاز ، حتى إنهم يقولون : عجز الأمر ، وأعجاز الأمور . ويقولون : " لا تدبروا أعجاز أمور ولت صدورها " . قال : والعجيزة : عجيزة المرأة خاصة إذا كانت ضخمة ، يقال امرأة عجزاء . والجمع عجيزات كذلك . قال الخليل : ولا يقال عجائز ، كراهة الالتباس . وقال ذو الرمة :


                                                          عجزاء ممكورة خمصانة قلق     عنها الوشاح وتم الجسم والقصب



                                                          وقال أبو النجم :


                                                          من كل عجزاء ،     سقوط البرقع بلهاء
                                                          لم تحفظ ولم تضيع

                                                          والعجز : داء يأخذ الدابة في عجزها ، يقال هي عجزاء ، والذكر أعجز . ومما شبه [ في ] هذا الباب : العجزاء من الرمل : رملة مرتفعة كأنها جبل ، والجمع العجز . وهذا على أنها شبهت بعجيزة ذات العجيزة ، كما قد يشبهون العجيزات بالرمل والكثيب . والعجزاء من العقبان : الخفيفة العجيزة . قال الأعشى :


                                                          عجزاء ترزق بالسلي عيالها

                                                          [ ص: 234 ] وما تركنا في هذا كراهة التكرار راجع إلى الأصلين اللذين ذكرناهما . وسمعنا من يقول إن العجوز : نصل السيف . وهذا إن صح فهو يسمى بذلك لقدمه كالمرأة العجوز ، وإتيان الأزمنة عليه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية