الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عجم ) العين والجيم والميم ثلاثة أصول : أحدها يدل على سكوت وصمت ، والآخر على صلابة وشدة ، والآخر على عض ومذاقة .

                                                          فالأول الرجل الذي لا يفصح ، هو أعجم ، والمرأة عجماء بينة العجمة . قال أبو النجم :

                                                          [ ص: 240 ]

                                                          أعجم في آذانها فصيحا



                                                          ويقال عجم الرجل ، إذ صار أعجم ، مثل سمر وأدم . ويقال للصبي ما دام لا يتكلم لا يفصح : صبي أعجم . ويقال : صلاة النهار عجماء ، إنما أراد أنه لا يجهر فيها بالقراءة . وقولهم : العجم الذين ليسوا من العرب ، فهذا من هذا القياس كأنهم لما لم يفهموا عنهم سموهم عجما ، ويقال لهم عجم أيضا . قال :


                                                          ديار مية إذ مي تساعفنا     ولا يرى مثلها عجم ولا عرب



                                                          ويقولون : استعجمت الدار عن جواب السائل . قال :


                                                          صم صداها وعفا رسمها     واستعجمت عن منطق السائل



                                                          ويقال : الأعجمي : الذي لا يفصح وإن كان نازلا بالبادية . وهذا عندنا غلط ، وما نعلم أحدا سمى أحدا من سكان البادية أعجميا ، كما لا يسمونه عجميا ، ولعل صاحب هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجمي . قال الأصمعي : يقال : بعير أعجم ، إذا كان لا يهدر . والعجماء : البهيمة ، وسميت عجماء لأنها لا تتكلم ، وكذلك كل من لم يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم . وفي الحديث : جرح العجماء جبار ، تراد البهيمة .

                                                          قال الخليل : حروف المعجم مخفف ، هي الحروف المقطعة ، لأنها أعجمية . وكتاب معجم ، وتعجيمه : تنقيطه كي تستبين عجمته ويضح . وأظن أن الخليل أراد بالأعجمية أنها ما دامت مقطعة غير مؤلفة تأليف الكلام المفهوم ، فهي [ ص: 241 ] أعجمية; لأنها لا تدل على شيء . فإن كان هذا أراد فله وجه ، وإلا فما أدري أي شيء أراد بالأعجمية . والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم ، وهو الخط العربي ، لأنا لا نعلم خطا من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة . فأما إعجام الخط بالأشكال فهو عندنا يدخل في باب العض على الشيء لأنه فيه ، فسمي إعجاما لأنه تأثير فيه يدل على المعنى .

                                                          فأما قول القائل :


                                                          يريد أن يعربه فيعجمه



                                                          فإنما هو من الباب الذي ذكرناه . ومعناه : يريد أن يبين عنه فلا يقدر على ذلك ، فيأتي به غير فصيح دال على المعنى . وليس ذلك من إعجام الخط في شيء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية